وكذلك جاز أكل المحدث بيده طعامًا مائعًا، فكان ما ثبت من النجاسة في هذه الأعضاء غير مدرك بالعقل وعمل الماء لا يظهر في هذه الأعضاء إلا بإثبات المزال أي بإثبات زوال ما كان في هذه الأعضاء مما يمنع التقرب إلى الله تعالى، وهذا العمل ثبت عند استعمال الماء الذي لا يبالي بخبثه.
إذ الناس لا يبالون بخبث الماء بالوضوء وبصبه في موضع النجاسات، فلم يجز إثبات هذا الحكم فيما يبالى بخبثه، وهو في نفسه أمر غير معقول المعنى بخلاف النجاسة الحقيقة إذ هي عين محسوسة، فإذا زالت عن موضعها لا تبقى فيه، وهو معقول فتعدى من الماء إلى غيره لوجود معنى الإزالة في ذلك الغير.
وقال الإمام شمس الأئمة -رحمه الله- وليس في أعضاء المحدث عين يزول باستعمال الماء، فإن أعضاءه طاهرة، وإنما فيها مانعًا حكميًا من أداء الصلاة غير معقول المعني، وقد ثبت بالنص رفع ذلك المانع بالماء وهو غير معقول المعني، وقد بينا أن مثل هذا الحكم لا يمكن تعليله للتعدية إلى محل آخر.
(ولا يلزم أن الوضوء صح مع هذا بغير النية). وجه الورود وهو أن وجوب طهارة هذه الأعضاء بالوضوء لما كان غير معقول لكون هذه الأعضاء