محكومة عليها بالطهارة شرعًا لما ذكرنا كان الوضوء بمنزلة التيمم في كون وجوب الطهارة به غير معقول لعدم حصول الطهارة بكل واحد منهما عقلًا، فكان وجوب الطهارة فيهما مع ذلك أمرًا تعبديًا فتجب النية في الوضوء حينئذ كوجوبها في التيمم.
فأجاب عنه بقوله:(لأن التغير ثبت في محل العمل بوجه لا يعقل فبقي الماء بطبعه من الوجه الذي يعقل) أراد به أن تغير العضو من الطهارة إلى النجاسة معنى لا يعقل إلا أن الماء عامل بطبعه وهو معقول فلا يفتقر إلى النية، لأن ما كان طبعًا لشيء لا يتغير بالنية.
والتطهير والإزالة طبع للماء فيعمل عمله حيث ما وجد استعماله فيه فلا يفتقر إلى النية كالنار للإحراق والسكين للقطع بخلاف التراب، لأن طبعه التلويث لا الإزالة فاحتيج إلى النية ليعمل عمل الماء لا لأن النية غيرت طبعه حقيقة لكن الشرع لما أقامه مقام الماء عند إرادة الصلاة عمل عمل الماء في إثبات الطهارة وإرادة الصلاة به هي النية، فلهذا تشترط النية في التيمم دون الوضوء، والله أعلم.