أنه مصدر، وهو محتمل للتكرار والعموم، ثم إنما جعلنا الواحد موجبا والزائد عليه محتملا: لأن الأمر لطلب الفعل، وطلب الفعل يفتقر إلي واحد بحيث لا يتحقق ولا يوجد بدونه، فكان الواحد هو المتيقن من كل وجه فلذلك كان هو أولى بكونه موجبًا.
وأما ما زاد عليه فصالح لأن يكون مرادا باعتبار أن المصدر اسم لجنس الفعل، ولكن غير مفتقر إليه في وجود الفعل، فلذلك كان هو أولى لأن يكون محتملا، وحاصلة أن الشافعي يحتج بمثل ما احتج به الأولون ولكن علي وجه يتبين به الفرق بين الأمر والنهي ويثبت به الاحتمال دون الإيجاب، وذلك أن قوله: افعل. يقتضي مصدرا علي سبيل التنكير أي افعل فعلا، وكذلك في طلق أي طلق طلاقا.
أما اقتضاؤه المصدر، فلأن الفعل مركب من الزمان والمصدر، ولأن كل فعل مشتق من مصدره فلابد من إدراج المشتق منه عنه ذكر المشتق.
أما اقتضاؤه التنكير؛ لأن ثبوته بطريق الحاجة إلي تصحيح الكلام وبالمنكر يحصل هذا المقصود، فأثبتناه لكونه متيقنا؛ لأن النكرة في موضع الإثبات تقع علي الواحد كما في قوله تعالى:{فَتَحْرِير رَقَبَة} لكن احتمال العدد والتكرار باق بدليل استقامة قران العدد والتكرار به علي وجه التفسير في قوله: طلقها ثنتين أو ثلاثا، فلو لم يكن اللفظ محتملًا للعدد لما استقام تفسيره بخلاف النهي، فإن صيغة النهي عن الفعل تقتضي أيضًا مصدرًا علي سبيل التنكير أي لا تفعل فعلا، ولكن النكرة في النفي تعم،