للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي تفسير ابن عادل سُئل الشعبي رحمه الله تعالى عن الرجل يَعِدُ صاحبه ميعادًا إلى أي وقت ينتظره؟ قال: إنْ واعده نهارًا فكل النهار، وإن واعده ليلًا فكل الليل.

وسُئِل إبراهيم بن زيد عن ذلك فقال: إذا وَعَدتَه في وَقْتِ الصَّلاةِ فَانْتَظِره إلى وقت صلاة أخرى (١).

وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العِدَةُ دَيْنٌ وَاجِبٌ" (٢)، قال القرطبي: أي في أخلاق المؤمنين، وأوصاف الصدِّيقين (٣).

وقال المحقِّقون من العلماء كما ذكرته في كتابي: "غَايَةِ الْمُنْتَهَى" في الفقه: إنَّ الوفاء بالوعد يلزم من حَيْثُ الوُجُوبُ، وإن كان لا يلزم من حَيْثُ الحكمُ به؛ بمعنى أن من وَعَدَ أَحَدًا بشيء وامتنع من الوفاء فإنه ليس للقاضي أن يُلزِمَه بذلك؛ لما يلزم عليه من الكذب، فيحرم خُلْفُ الوعد بلا استثناء. قال الله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣، ٢٤] (٤).


(١) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت ح (٤٦٠) ص ٢٣٧.
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط ح (٣٥١٣) ٤/ ١٣١، وفي الصغير ح (٤٢٠) ص ١٧٩، والقضاعي في مسنده كما في فتح الوهاب ١/ ٢١ بلفظ: "العِدَة دَيْن"، وقال الهيثمي في "المجمع ٤/ ١٦٦: وفيه حمزة بن داود، ضعَّفه الدارقطني. وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق ح (١٩٠) ١/ ٢٠٥ بلفظ: "العِدَّة عَطِية".
(٣) تفسير القرطبي ١١/ ١١٥.
(٤) اختلف العلماء في حُكْمِ الوَفَاءِ بِالوَعْدِ: فَذَهَبَت طَائِفَة إلى القول بوجوبه، وآخرون إلى عَدَمِ لُزُومِ الوَفَاء بِه، واحْتَجَّ القائِلُون بِالوُجُوب بظاهر الآيات =

<<  <   >  >>