الفَصْلُ الأوَّلُ
التَّعْرِيْفُ بالتَّارِيْخِ
إنَّ فَنَّ التَّارِيْخِ مِنْ الفُنُوْنِ الَّتي تَتَدَاوَلُهَا الأُمَمُ والأجْيَالُ، وتُشَدُّ إلَيْهِ الرَّكَائِبُ والرِّحَالُ، وتَسْمُوْ إلى مَعْرِفَتِهِ السَّوَقَةُ والأغْفَالُ، وتَتَنَافَسُ فِيْهِ المُلُوْكُ والأقْيَالُ، ويَتَسَاوَى في فَهْمِهِ العُلَمَاءُ والجُهَّالُ.
لِهَذَا نَجِدُ النُّفُوْسَ تَشْرَئِبُّ إلى مَعْرِفَةِ بِدَاياتِ الأشْيَاءِ، وتُحِبُّ سمَاعَ أخْبَارِ الأنْبِيَاءِ، وتَحِنُّ إلى مُطَالَعَةِ سِيَرِ المُلُوْكِ والحُكَمَاءِ، وتَرْتَاحُ إلى ذِكْرِ ما جَرَى لِلْقُدَمَاءِ (١).
* * *
«إلاَّ أنَّ التَّارِيْخَ الإسْلامِيَّ تَارِيْخُ دِيْنٍ وعَقِيْدَةٍ قَبْلَ أنْ يَكُوْنَ تَارِيْخَ دُوَلٍ، ومَعَارِكَ، ونُظُمٍ سِيَاسِيَّةٍ؛ لأنَّ العَقِيْدَةَ هِيَ الَّتي أنْشَأتْ هَذِهِ الكَيَانَاتِ مِنْ الدُّوَلِ والمُجْتَمَعَاتِ بِنُظُمِهَا السَّيَاسِيَّةِ، والإدَارِيَّةِ، والتَّعْلِيْمِيَّةِ، والاقْتِصَادِيَّةِ وغَيْرِهَا ... !
(١) انْظُرْ «مُقَدِّمَةَ ابنِ خُلْدُوْنٍ» (١/ ٣)، و «المُنْتَظَمَ» لابنِ الجَوْزِيِّ (١/ ١١٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute