للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَبَبُ القِتَالِ بَيْنَ عَلِيٍّ ومُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا

وقَبْلَ الخُرُوْجِ مِنْ مَوْقِعَةِ (صِفِّيْنَ) أحْبَبْنا أنْ نَرُدَّ على مَنْ سَاوَى بَيْنَ قِتَالِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِلْخَوَارِجِ بِقِتَالِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَمَنْ مَعَهُ!

* * *

فَهَذَا ابنُ حَزْمٍ رَحِمَهُ اللهُ يُبَيِّنُ لَنَا البَوْنَ الفَارِقَ بَيْنَ القِتَالَيْنِ بِقَولِهِ: «وأمَّا أمْرُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَبِخِلافِ ذَلِكَ، ولم يُقَاتِلْهُم عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لامْتِنَاعِهِ مِنْ بَيْعَتِهِ؛ لأنَّهُ كان يَسَعُهُ في ذَلِكَ ما وَسِعَ ابنَ عُمَرَ وَغَيْرَهُ (١)، لَكِنْ قاتَلَهُ لامْتِنَاعِهِ مِنْ إنْفَاذِ أوَامِرِهِ في جَمِيْعِ أرْضِ الشَّامِ، وهو الإمَامُ الوَاجِبُ طَاعَتُهُ، فَعَلِيٌّ المُصِيْبُ في هذا، ولم يُنْكِرْ مُعَاوِيَةُ قَطُّ فَضْلَ عَلِيٍّ واسْتِحْقاَقَهُ الخِلافَةَ، لَكِنَّ اجْتِهَادَهُ أدَّاهُ إلى أنْ


(١) كَانَتْ عَادَةُ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أنَّه لا يُبَايِعُ أحَدًا في حَالِ الاخْتِلافِ، وكَانَ يُبَايِعَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الكَلِمَةِ، وهُوَ ما أخْرَجَهُ يَعْقُوْبُ بنُ سُفْيَانَ في «تَارِيْخِه» عَنِ ابنِ عُمَرَ أنَّه قَالَ: «ما كُنْتُ لأعْطِيَ بَيْعَتِي في فُرْقةٍ، ولا أمْنعُها مِنْ جَمَاعةٍ» ذَكَرَه ابنُ حَجَرٍ فِي «فَتْحِ البَارِي» (١٣/ ١٩٥).

<<  <   >  >>