للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوَّلاً: أنَّ هَذَا القَوْلَ خِلافُ الأصْلِ المُقَرَّرِ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلفِ وَالخَلَفِ، وهُو السُّكُوْتُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رَضِي اللهُ عَنْهُم، سَوَاءٌ كَانَ الحَدِيْثُ عَنْهُم عَنْ حُسْنِ ظَنٍّ، أوَ سُوْءِ ظَنٍّ لِمَا في ذَلِكَ مِنْ دَرْءٍ للمَفْسَدَةِ الحَاصِلَةِ، وَسَدٍّ للذَّرِيْعَةِ المُفْضِيَةِ للشُّبَهِ وَالفِتَنِ كَمَا هُوَ مَعْلومٌ مِنَ الوَاقِعِ بالضَّرورَةِ.

* * *

فَهَذَا العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ رَحِمَهُ اللهُ (١٤٨) يُقَرِّرُ هَذَا الأصْلَ قَائِلاً: «أدْرَكْتُ مَنْ أدْرَكْتُ مِنْ صَدْرِ هَذِهِ الأمَّةِ بَعْضُهُم يَقُوْلُ لبَعْضٍ: اذْكُرُوا مَحَاسِنَ أصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَتِأتَلِفَ عَلَيْها القُلُوْبُ، ولا تَذْكُرُوا ما شَجَرَ بَيْنَهم فَتُحَرِّشُوْا (١) النَّاسَ عَلَيْهِم» (٢)، وَبِلَفْظٍ آخَرَ قَالَ: «فَتُجَسِّرُوا (٣) النَّاسَ عَلَيْهِم» (٤).


(١) التَّحْرِيْشُ: هو الإغْرَاءُ بَيْنَ النَّاسِ، انْظُرْ «مُخْتَارَ الصِّحَاحِ» ص (١٣٠)، و «لِسَانَ العَرَبِ» (٦/ ٢٧٩).
(٢) «الشَّرْحُ والإبانَةُ على أُصُوْلِ السُّنةِ والدِّيانَةِ» لابنِ بَطَّةَ (١٦٥).
(٣) أي: تُشَجِّعُوْهُم، انْظُرْ «لِسَانَ العَرَبِ» (٤/ ١٣٦).
(٤) «الجَامِعُ لأحْكامِ القُرْآنِ» للقُرْطُبِيِّ (١٨/ ٣٣).

<<  <   >  >>