للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمْرُ الرَّابِعُ: كَذَلِكَ نَجِدُهُم لَمْ يَذْكُرُوا أخْبَارَ وحَوَادِثَ هَذَهِ الفِتْنَةِ سَرْدًا بِلا زِمامٍ أو خِطَامٍ؛ بَلْ أسْنَدُوْها إبْرَاءً لِلذِّمَّةِ، في حِيْنَ نَرَاهُم لَمْ يُغْفِلُوا هَذَا الجَانِبَ رَأسًا؛ بَلْ لَهُم عِنَايةٌ بنَقْدِ كَثِيْرٍ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ والأخْبَارِ مَعَ بَيَانِ صَحِيْحِها مِنْ سَقِيْمِها، وتَوْجِيْهِ ما أمْكَنَ تَوْجِيْهُهُ.

وهَذا ما قَرَّرَهُ ابنُ جَرِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ في مُقدِّمةِ كِتَابِه (تَارِيْخِ الأُمُمِ والمُلُوْكِ): «... فَمَا يَكُنْ في كَتابِي هَذَا مِنْ خَبَرٍ ذَكَرْنَاهُ عَنْ بَعْضِ المَاضِيْنَ مِمَّا يَسْتَنْكِرُهُ قَارِئُه، أو يَسْتَشْنِعُهُ سَامِعُهُ، مِنْ أجْلِ أنَّه لَمْ يَعْرِفْ لَهُ وَجْهًا في الصِّحَّةِ، ولا مَعْنىً في الحَقِيْقَةِ، فلْيَعْلَمْ أنَّه لَمْ يُؤتَ في ذَلِكَ مِنْ قِبَلِنَا، وإنَّمَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ بَعْضِ نَاقِلِيْهِ إلَيْنا، وأنَّا إنِّما أدَّيْنا ذَلِكَ على نَحْوِ ما أُدِّيَ إلَيْنا» (١).

* * *

الأمْرُ الخَامِسُ: كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُم مِنْ ذِكْرِ وكِتَابةِ ما شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم نَشْرَها وتَرْوِيْجَها بَيْنَ الخَاصَّةِ والعَامَّةِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ كَلاَّ (ما هَذَا أرَادُوهُ)؛ بَلْ غَايَةُ عِلْمِهِم أنَّ الَّذِي سَيَقِفُ


(١) «تَارِيْخُ الأُمَمِ والمُلُوْكِ» لابنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ (١/ ٨).

<<  <   >  >>