فإنْ قَالَ قَائِلٌ: وأَيْشٍ الَّذِي يَضُرُّنا مِنْ مَعْرِفَتِنا لِمَا جَرَى بَيْنَهُم، والبَحْثِ عَنْهُ؟
قِيْلَ لَهُ: لاشَكَّ فِيْهِ، وذَلِكَ أنَّ عُقُوْلَ القَوْمِ كَانَتْ أكْبَرَ مِنْ عُقُوْلِنا، وعُقُولُنا أنْقَصُ بكَثِيْرٍ، ولا نَأمَنُ أنْ نَبْحَثَ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُم، فَنَزِلُّ عَنْ طَرِيْقِ الحَقِّ، ونَتَخَلَّفُ عَمَّا أُمِرْنا فِيْهِم.
فإنْ قَالَ قَائِلٌ: وبِمَ أُمِرْنا فِيْهِم؟
قِيْلَ: أُمِرْنا بالاسْتِغْفَارِ لَهُم، والتَّرَحُّمِ عَلَيْهِم، والمَحَبَّةِ لَهُم، والاتِّباعِ لَهُم ... إلخ.
فإنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّما مُرَادِي مِنْ ذَلِكَ لأنْ أكُوْنَ عَالِمًا بِمَا جَرَى بَيْنَهُم فأكُوْنُ لَمْ يَذْهَبْ عَلَيَّ ما كَانُوا فِيْهِ لأنِّي أُحِبُّ ذَلِكَ ولا أجْهَلُهُ.
قِيْلَ لَهُ: أنْتَ طَالِبُ فِتْنَةٍ؛ لأنَّكَ تَبْحَثُ عَمَّا يَضُرُّكَ ولا يَنْفَعُكَ، ولَوْ اشْتَغلْتَ بإصْلاحِ ما للهِ عَزَّ وجَلَّ عَلَيْكَ فِيْما تَعَبَّدَك بِهِ مِنْ أدَاءِ فَرَائِضِهِ، واجْتِنابِ مَحَارِمِهِ كَانَ أوْلَى بِكَ.
وقِيْلَ لَهُ: ولاسِيَّما في زَمَانِنا هَذَا مَعَ قُبْحِ ما قَدْ ظَهَرَ فِيْهِ مِنَ الأهْوَاءِ الضَّالةِ (١).
(١) لَيْتَ شِعْرِي! إذا كَانَ هَذا الخَوْفُ مِنَ الآجُريِّ رَحِمَهُ اللهُ على أهْلِ زَمَانِ القَرْنِ الرَّابِعِ!؛ فَكَيْفَ الحَالُ إذَنْ بأهْلِ القَرْنِ الخامِسِ عَشَر؟ فاللهُ المُسْتَعَانُ!
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute