للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ما هذا؟

قال ذَلِكَ الرَّجُلُ: ما شَعَرْنا إلاَّ وَقَوْمٌ مِنْ أهْلِ البَصْرَةِ قَدْ بَيَّتُوْنا» (١).

فَثَارَ كُلُّ فَرِيْقٍ إلى سِلاحِهِ، ولَبِسُوا اللأْمَةَ ورَكِبُوا الخُيُوْلَ، ولا يَشْعُرُ أحَدٌ مِنْهُم بِمَا وَقَعَ الأمْرُ عَلَيْهِ في نَفْسِ الأمْرِ، وكانَ أمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُوْرًا، وَقَامَتِ الحَرْبُ على قَدَمٍ وسَاقٍ، وتَبَارَزَ الفُرْسَانُ، وجَالَتِ الشُّجْعَانُ، فَنَشِبَتِ الحَرْبُ وتَوَافَقَ الفَرِيْقَانِ، وَقَدْ اجْتَمَعَ مَعَ عَلِيٍّ عُشْرُونَ ألْفًا، والْتَفَّ على عَائِشَةَ ومَنْ مَعَهَا نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِيْنَ ألْفًا، فإنَّا للهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، والسَبَئَيَّةُ أصْحَابُ ابْنِ السَّوْدَاءِ (قَبَّحَهُ اللهُ) لا يَفْتَرُوْنَ عَنِ القَتْلِ، ومُنَادِي عليٍّ يُنَادِي: ألا كُفُّوا، ألا كُفُّوا، فلا يَسْمَعُ أحَدٌ (٢)، فاشْتدَّتِ المَعْرَكَةُ وحَمِيَ الوَطِيْسُ، «وقَدْ كَان مِنْ سُنَّتِهِم في هذا اليَوْمِ أنَّهُ لا يُذَفَّفُ (لا يُجْهَزُ عَلَيْهِ) على جَرِيْحٍ، ولا يُتَّبَعُ مُدْبِرٌ، وقَدْ قُتِلَ من هذا خَلْقٌ كَثِيْرٌ جِدًّا» (٣) حَتَّى حَزِنَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أشَدَّ


(١) «تَارِيْخُ الأُمَمِ والمُلُوْكِ» لابنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ (٤/ ٥٠٦ - ٥٠٧)، و «الكَامِلُ» لابنِ الأثِيْرِ (٣/ ٢٤٢)، و «البِدَايَةُ والنِّهايَةُ» لابنِ كَثِيْرٍ (٧/ ٢٦١ - ٢٦٢) و «فتْحُ البارِي» لابنِ حَجَرٍ (١٣/ ٥٦).
(٢) «البِدَايَةُ والنِّهايَةُ» لابنِ كَثِيْرٍ (٧/ ٢٦٢).
(٣) السَّابِقُ.

<<  <   >  >>