فابنُ حَزْمٍ رَحِمَهُ اللهُ يُقَرِّرُ في كَلامِهِ هذا أنَّ النِزَاعَ الَّذِي كان بَيْنَ عَلِيٍّ ومُعَاوِيَةَ إنَّمَا هو في شَأنِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، ولَيْسَ اخْتِلافًا على الخِلافَةِ، إذْ إنَّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لم يُنْكِرْ فَضْلَ عَلِيٍّ واسْتِحْقَاقَهِ لِلْخِلافَةِ، وإنَّما امْتَنَعَ عَنِ البَيْعَةِ حَتى يُسَلِّمَهُ القَتَلَةَ، أو يَقْتُلَهُم، وكان عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَسْتَمْهِلُهُ في الأمْرِ حَتى يَتَمَكَّنَ هو بأخْذِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
* * *
ورَحِمَ اللهُ مُعَاوِيَةَ إذْ لم يَمْلِكُ عَيْنَهُ مِنَ البُكَاءِ؛ عِنْدَمَا جَاءهُ الخَبَرُ بِمَوْتِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ فَقِيْلَ لَهُ في ذَلِكَ، فقال: «وَيْحَكُمْ إنَّمَا أبْكِي لِما فَقَدَ النَّاسُ مِنْ حِلْمِهِ، وعِلْمِهِ، وفَضْلِهِ، وسَوَابِقِهِ، وخَيْرِهِ» (١).
(١) انظر «البِدَايَةَ والنِّهَايَةَ» لابنِ كَثِيْرٍ (١١/ ١٢٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute