وفيما ذكرته من الآثار والتراجم عليها كفاية في الرد على من جعل الأذان على المنار من البدع.
وأما صنع الإحسان فإنه من المعروف، وليس من البدع سواء كان معهودًا في الصدر الأول أو لم يكن معهودا فيه، وقد قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، وقال تعالى:{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، والآيات والأحاديث الصحيحة في الحث على الإحسان كثيرة جدًا، وإنما يذم منه ما تجاوز الحد وكان من التبذير.
وأما التوسع في المأكل والمشرب فلا يدخل في مسمى البدعة وإنما هو من المباح ما لم يبلغ إلى حد الإسراف فحينئذ يكون منهيًا عنه؛ لقول الله تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
وأما إحداث الربط فإن كان المراد بذلك ما أحدثه الصوفية من اتخاذ الربط والزوايا للاعتزال عن الناس والانقطاع للعبادة فهذا داخل في مسمى البدعة، وليس من المندوبات والدليل على ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة رضي الله عنها:«من أحدث في مرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وفي رواية: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديثي أنس وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم:«من رغب عن سنتي فليس مني» وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه «عليكم بسنتي وسنة الخفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة»، وقوله - صلى الله عليه