للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسلم - في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة، وقد ذكرت هذه الأحاديث في أول الكتاب معزوة إلى مخرجيها فلتراجع (١) ففيها أبلغ رد على ابن علوي والرفاعي وغيرهما ممن زعم أن إحداث الربط من البدع المندوبة، وقد رد الشاطبي رحمه الله تعالى في كتابه "الاعتصام" على من جعل إحداث الربط من البدع المندوبة فقال: إن عني بالربط ما بني من الحصون والقصور قصدا للرباط فيها فلا شك إن ذلك مشروع بشرعية الرباط ولا بدعة فيه.

وإن عنى بالربط ما بني لالتزام سكناها قصد الانقطاع للعبادة لأن إحداث الربط التي شأنها أن تبني تدينًا للمنقطعين للعبادة في زعم المحدثين ويوقف عليها أوقاف يجري منها على الملازمين لها ما يقوم بهم في معاشهم من طعام ولباس وغيرهما لا يخلو أن يكون لها أصل في الشريعة أم لا، فإن لم يكن لها أصل دخلت في الحكم تحت قاعدة البدع التي هي ضلالات فضلاً عن أن تكون مندوبًا إليها، وإن كان لها أصل فليست ببدعة فإدخالها تحت جنس البدع غير صحيح.

ثم إن كثيرًا ممن تكلم على هذه المسألة من المصنفين في التصوف تعلقوا بالصفة التي كانت في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتمع فيها فقراء المهاجرين، وهم الذين نزل فيهم {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الآية، وقوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} الآية


(١) ص (١٠ - ١١) (٧٩، ٨٠).

<<  <   >  >>