للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها، ولا كفى المسكين المغتر بعمل الشيوخ المتأخرين أن صدور هذه الطائفة المتصفين بالصوفية لم يتخذوا رباطًا ولا زاوية ولا بنوا بناء يضاهون به الصفة للاجتماع على التعبد والانقطاع عن أسباب الدنيا كالفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم والجنيد وإبراهيم الخواص والحارث المحاسبي والشبلي وغيرهم ممن سابق في هذا الميدان، وإنما محصول هؤلاء أنهم خالفوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخالفوا السلف الصالح، وخالفوا شيوخ الطريقة التي انتسبوا إليها ولا توفيق إلا بالله، انتهى كلام الشاطبي رحمه الله.

وأما قول الرفاعي وعمل المولد وإن حدث بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد صحابته رضوان الله عليهم ليس فيه مخالفة لكتاب الله ولا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا لإجماع المسلمين فلا يقال بأنه مذموم فضلا عن كونه منكرًا وبدعة سيئة.

فجوابه أن يقال: إن عيد المولد محدث في الإسلام، والاحتفال بهذا العيد مخالف للكتاب والسنة ولما كان عليه المسلمون منذ زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى آخر القرن السادس من الهجرة فأما مخالفته للكتاب فإن الله تعالى أمر عباده باتباع ما أنزله إليهم ونهاهم عن اتباع الأولياء من دونه فقال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} والاحتفال بالمولد داخل في عموم ما نهى الله عنه في هذه الآية الكريمة؛ لأن الله تعالى لم يأمر به ولا أمر به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإنما أمر به من أحدثه وهو سلطان إربل، فالمحتفلون بالمولد قد اتبعوا سلطان إربل وارتكبوا ما نهى الله عنه من اتباع الأولياء من دونه.

<<  <   >  >>