ومن هذا الباب أيضًا ما رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثب إليه فرحًا وما عليه رداء حتى بايعه.
ومن هذا الباب أيضًا ما جاء في الصحيحين وغيرهما في قصة كعب بن مالك رضي الله عنه لما تاب الله عليه قال: وانطلقت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد وحوله الناس فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني الحديث فهذا وما أشبهه من القيام جائز كما دلت عليه هذه الأحاديث وهو قيام إلى الشخص لتلقيه وليس من القيام له لأجل تعظيمه بالقيام. والقيام إلى الشخص من فعل العرب، والقيام له أو عليه من فعل العجم. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في «تهذيب السنن»: المذموم القيام للرجل، وأما القيام إليه للتلقي إذا قدم فلا بأس به انتهى.
الوجه الثاني: أن يقال لا يخفى ما في كلام ابن علوي من التقول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث زعم أنه كان يقوم تعظيما للداخل عليه ولو كان يفعل ذلك لكان يقوم لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ولو فعل ذلك لنقله عنه أصحابه، وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليفعل شيئًا كان يكرهه لنفسه وينهى عنه ويشدد فيه؛ لأن هذا من التناقض الذي ينزه عنه آحاد العقلاء فيكف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فهو أحق أن ينزه عن التناقض الذي يستلزمه كلام ابن علوي، فأما قيام