ولهذا قال الفقهاء من اضطر إلى طعام الغير أخذه منه بغير اختياره بقيمة مثله، ولو امتنع من بيعه إلا بأكثر من سعره لم يستحق إلا سعره.
ومن هنا يتبين أن السعر منه ما هو ظلم لا يجوز.
ومنه ما هو عدل جائز, فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه, أو منعهم مما أباحه الله لهم, فهو حرام, وإذا تضمن العدل بين الناس؛ مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل, ومنعهم مما يحرم من أخذ زيادة على عوض المثل, فهو جائز, بل واجب.
فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم, وقد ارتفع السعر إما لقلة الشيء, وإما لكثرة الخلق, فهذا إلى الله, فإلزام الخلق أن يبيعوا بقيمة بعينها إكراه بغير حق.
وأما الثاني: فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة, فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل, ولا معني للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل, فيجب أن يلتزموا بما ألزمهم الله به.
وأبلغ من هذا أن يكون الناس قد التزموا أن لا يبيع الطعام أو غيره إلا أناس معروفون؛ لا تباع تلك السلع إلا لهم, ثم يبيعونها هم, فلو باع غيرهم ذلك منع؛ إما ظلمًا لوظيفة تؤخذ من البائع, أو غير ظلم لما في ذلك من الفساد, فهاهنا يجب التسعير عليهم, بحيث لا يبيعون إلا بقيمة المثل, ولا يشترون أموال الناس إلا بقيمة المثل,