بلا تردد في ذلك عند أحد من العلماء؛ لأنه إذا كان قد منع غيرهم أن يبيع ذلك النوع أو يشتريه, فلو سوغ لهم أن يبيعوا بما اختاروا أو يشتروا بما اختاروا كان ذلك ظلمًا للخلق من وجهين: ظلمًا للبائعين الذين يريدون بيع تلك الأموال, وظلمًا للمشترين منهم.
والواجب إذا لم يمكن دفع جميع الظلم أن يدفع الممكن منه, فالتسعير في مثل هذا واجب, بلا نزاع, وحقيقته إلزامهم أن لا يبيعوا أو لا يشتروا إلا بثمن المثل, وهذا واجب في مواضع كثيرة من الشريعة؛ فإنه كما أن الإكراه على البيع لا يجوز إلا بحق يجوز الإكراه على البيع بحق في مواضع.
مثل بيع المال لقضاء الدين الواجب والنفقة الواجبة.
والإكراه على أن البيع إلا بثمن المثل لا يجوز إلا بحق, ويجوز في مواضع.
مثل المضطر إلى طعام الغير.
ومثل الغراس والبناء الذي في ملك الغير, فإن لرب الأرض أن يأخذه بقيمة المثل, لا بأكثر, ونظائره كثيرة.
ولهذا منع غير واحد من العلماء كأبي حنيفة وأصحابه القسامين الذين يقسمون العقار وغيره بالأجران يشتركون إلا أنهم إذا اشتركوا والناس محتاجون إليهم أغلوا عليهم الأجر, فمنع البائعين الذين تواطئوا على بيع أن لا يبيعوا إلا بثمن قدروه أولى، وكذلك