فبالقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعلو كلمة الله, ويظهر دينه, وبترك ذلك يضعف الإسلام وأهله ويظهر الباطل وحزبه.
قال ابن عقيل في الفنون من أعظم منافع الإسلام وآكد قواعد الأديان الأمر بالمعروف والنهي والتناصح؛ فهذا أشق ما يحمله المكلف؛ لأنه مقام الرسل, حيث يثقل صاحبه على الطباع, وتنفر منه نفوس أهل اللذات، ويمقته أهل الخلاعة, وهو إحياء السنن وإماتة البدع.
إلى أن قال لو سكت المحقون ونطق المبطلون لتعود النشء ما شاهدوا, وأنكروا ما لم يشاهدوا, فمتى رام المتدين إحياء سنة أنكرها الناس وظنوها بدعة.
وقد رأينا ذلك؛ فالقائم بها يعد مبتدعًا ومبدعًا. انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى.
وإذا كان الإمام ابن عقيل قد رأى في القرن الخامس ما ذكره من الإنكار على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر, وعدهم لذلك مبتدعة, فكيف لو رأى ما آل إليه الأمر في زماننا في آخر القرن الرابع عشر من الهجرة النبوية, حين ابتلي أكثر المسلمين بمخالطة أعداء الله, والأخذ عنهم, واتباع سننهم حذوا القذة بالقذة, حتى عاد بسبب ذلك المعروف عند الأكثرين منكرًا والمنكر معروفًا, والسنة بدعة والبدعة سنة, نشأ على ذلك صغيرهم, وهرم عليه كبيرهم، وكان الأمر كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير, ويربو فيها الصغير,