ويتخذها الناس سنة, فإذا غيرت قالوا: غيرت السنة، قيل: ومتى ذلك يا أبا عبد الرحمن قال: إذا كثرت قراؤكم, وقلت فقهاؤكم, وكثرت أمراؤكم وقلت أمناؤكم, والتمست الدنيا بعمل الآخرة, وتفقه لغير الدين. رواه عبد الرزاق والدارمي والحاكم في مستدركه, قال الذهبي: وهو على شرط البخاري ومسلم.
وفي رواية الحاكم: وكثرت أموالكم, وقلت أمناؤكم.
وقد رأينا في زماننا كثيرًا من المنتسبين إلى العلم, فضلا عن غيرهم ينكرون على الأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر, ويعدونهم لذلك أهل شذوذ وتشديد ومشاغبة وتنفير إلى غير ذلك مما ينبزونهم به ظلمًا وعدوانًا, فالله المستعان.
والدليل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو وظيفة الرسل وأتباعهم قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَامُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} الآية.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - مأمور باتباع هدي الأنبياء قبله, كما قال الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} وقال تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
وقد روي ابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن وهيب بن الورد, قال: لقي رجل عالم رجلا عالمًا هو فوقه في العلم, فقال له: يرحمك الله, ما الذي أعلن من عملي؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه صلوات الله عليهم إلى عباده,