وأكثر الآيات والأحاديث التي تقدمت في فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدل على مثل ما دل عليه حديث أبي بكر وحديث أبي ثعلبة رضي الله عنهما.
الثانية: الرد على من زعم أن آية المائدة تدل على الترخيص في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد أوضح ذلك الصديق رضي الله عنه في حديثه, فانقطع بذلك ما يتعلق به المداهنون في الآية الكريمة.
الثالثة: أن المؤمن إذا قام بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فلم يقبل منه, ولم يكن له قدرة على الإلزام بالمأمور وإزالة المحظور, فعليه حينئذ بخاصة نفسه, ولا يضره من ضل.
وقد روى ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي إمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتم الأمر لا تستطيعون تغييره, فاصبروا حتى يكون الله هو الذي يغيره» في إسناده مقال, ولمتنه شاهد من حديث أبي ثعلبة الذي تقدم ذكره قريبًا.
ومعنى قوله «لا تستطيعون تغييره» أي: باليد أو اللسان.
فأما التغيير بالقلب, فكل أحد يستطيعه, ومن لم يغير بقلبه بأن يبغض المعاصي ويكرهها ويمقت أصحابها فليس بمؤمن.
وقد روى ابن أبي حاتم وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: أن من بقي منكم سيرى منكرًا, وبحسب امرئ يرى منكرًا لا يستطيع أن يغيره أن يعلم الله من قلبه إنه له كاره.
ورواه البخاري في التاريخ الكبير مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -