ومما يدل على بطلان القول بأن شعورهم وأظفارهم قد طالت جدًا، أن الله تعالى منعهم بالمهابة والرعب في حال رقدتهم، فلم يطلع عليهم أحد من الناس، وعلى هذا فمن ذكر عنهم طول الشعور والأظفار، فإنما يقول ذلك عن طريق الظن والتوهم، لا عن طريق المشاهدة لهم ورؤية شعورهم وأظفارهم.
ومما يدل على ذلك أيضًا أن الله تعالى لما بعثهم من رقدتهم لم ينكر أحد منهم منظر أصحابه، وقالوا لبثنا يوما أو بعض يوم، ولو كانت شعورهم وأظفارهم قد طالت جدًا لوقع الإنكار من بعضهم لبعض، ولما لم يقع ذلك منهم دل على أنهم بعثوا على حالهم وهيئتهم التي كانوا عليها قبل رقدتهم، ولم يتغير شيء من شعورهم وأظفارهم.
ومما يدل على ذلك أيضًا أن أصحاب الكهف لما استيقظوا من رقدتهم بعثوا أحدهم إلى المدينة ليأتيهم بطعام منها فلم يستنكر أهل المدينة منظر الرجل، وإنما استنكروا الدراهم التي كانت معه وظنوا أنه أصابها من كنز قديم. ولو كانت لحيته قد غطت وجهه وكانت أظفاره قد وصلت إلى الأرض كما زعم ذلك صاحب المقال الباطل؛ لرعب أهل المدينة من منظره غاية الرعب ونفورا منه، ولما لم يقع ذلك دل على أن أصحاب الكهف قد بعثوا على حالهم