إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد؛ فهذه رسالة صغيرة، في سلسلتنا الدعوية:(من القرآن إلى العمران)، أسرعت بإخراجها بهذا الاختصار، وقد كان العزم معقودا على بحث أطول، يستوعب قضايا ومباحث أوسع، لكن شدة الصدمة، وسرعة الانهيار التي آل إليها وضع المرأة المسلمة في هذه الأيام، والسقوط الخلقي الذي تعدى الشباب إلى الأطفال، والتسابق نحو إعلان الفواحش في الشوارع والطرقات على الملأ، رغبة من الصناع الكبار للفجور السياسي -كما سميناه من قبل (١) - في تطبيع المجتمع الإسلامي على التعهر، وفقدان الشعور بالقيم الأخلاقية الأصيلة، وسلخه من هويته، وتجريده من كل مقومات المقاومة والصمود؛ تجاه الحضارات الأخرى الغازية؛ كل ذلك جعلني أسرع
(١) الفجور السياسي للمؤلف، صدر عن منشورات الفرقان الدار البيضاء: ٢٠٠٠ م.