لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}. ذلك هو الأصل الوجودي لجمال المرأة، والقصد الأصلي منه. نعم له قصد تبعي أو تابع وهو التزيين الشهواني المباح. وهو الوارد في قوله تعالى:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}(آل عمران:١٤). فهذا التزيين طبيعي، أي بمعنى فطري. فالرجل مجبول على الانجذاب إلى الجمال الأنثوي، لكن لخدمة القصد الأصيل من النسل. وليس ذلك مقصودا لذاته؛ ولذلك جعل الله عقب الآية ما يلي:{قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}(آل عمران:١٥) ومشكلة الإنسان اليوم -ذُكْرانا وإناثا- أنه قلب الموازين! فجعل المقصود التبعي أصليا، والأصلي تبعيا؛ فانقلبت بذلك حقائق الحياة عنده، من الإنسانية الراقية إلى البَهَمِيَّة الساقطة، ومن المتعة الروحية إلى اللذة الشهوانية!
ولذلك كان اللباس الإسلامي بالنسبة للرجال والنساء معا؛ قائما على خدمة هذه المقاصد الكلية العظيمة في الدين، وعلى احترام الوجود الإنساني، وعدم الإسفاف به، أو السقوط به إلى دركات العيش الحيواني الصرف! فسِتْرُ الصورة الجسمانية للأنثى -لما لها من خصوص تكويني- كان ليخدم قصده الأصلي ولا يتعداه إلى غيره إلا تبعا، في حدود جمالية المباح .. ومن هنا قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(إِنّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَىَ صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ. وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَىَ قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ)(١). وعلى هذا المساق يفهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم في زاهر بن حرام الأشجعي رضي الله عنه -وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه، وكان رجلا بدويا