للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المختلفة، من خلال أبعاد صورتها الجسمانية، وما يتداعى عنها من غرائز جنسية، تستدعيها في نفسية المشاهد والمتلقي؛ ليكون بعد ذلك أحد المستهلكين للبضاعة، التي مرت إلى عقله عبر قناة الجسد، جسد المرأة المشتهى!

إن هناك شيئا يمكن تسميته بعلم النفس التجاري! لكنه (علم) -إن صحت العبارة- نشأ في بلاد لا تعرف معنى لمفهوم الحرام! بل إنما تفتقت عنه عبقرية الشيطان اليهودي أساسا؛ ولذلك فقد جاء يحمل كل خصائص الرأسمالية المتوحشة. فصار صناعةً تستغل كل شيء، وتضحي بأي شيء: الدين والأخلاق والأعراض والقيم الإنسانية جملة؛ من أجل الوصول إلى غاية واحدة: هي الربح! فكان أن وظف السيمياء الأكثر تأثيرا في نفسية المستهلك الشهواني، وهي: جسد الأنثى، في صورته الجنسية!

فكانت هذه الصورة -مع الأسف- هي القناة الإشهارية الأولى، لكل البضاعة العالمية، من السيارة حتى الحذاء! ولم تعد صورة المرأة في الواقع النفسي التجاري العالمي؛ تتجاوز معنى مومياء البلاستيك المعدة لعرض الأزياء على قارعة الطريق!

والصورة سيماء سياسية: وبنجاح السيماء التجارية في استغلال جسد المرأة بأبعاده الجنسية؛ انتقلت العدوى إلى مجال التدافع السياسي الصرف خاصة في الوطن العربي والإسلامي اليوم، حيث توظف الصورة العارية من خلال الأدب، والثقافة، والفن السينمائي، والمسرحي، والألبوم الغنائي، والموديل الفتوغرافي، وموضة الشارع المتحركة، حتى نمط العمل الإداري! كل ذلك لتدمير بنية التدين في المجتمعات الإسلامية، هذه البنية التي تعتبر خميرة ما يسمى (بالإسلام السياسي) باصطلاح أعدائه، أو (الصحوة الإسلامية)، أو (حركة تجديد الدين)، باصطلاح أبنائه. لقد استُغل السلاح النسوي استغلالا خطيرا، في إعادة صياغة الأسرة؛ وفق المقياس الأوروبي وقيمه الحضارية،

<<  <   >  >>