للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ!} (الأعراف:٢٠ - ٢٢).

ومن هنا كانت الآية البصيرة -وكل آيات القرآن بصائر- الآية التي تحكم منطق اللباس في الإسلام، وتوجهه، وتمنحه مضمونه المقاصدي بالشمول الكلي، تحيل تعليل فطرة اللباس وطبيعته الإسلامية على قصة آدم نفسها، لكن بوضوح أبين، ودلالة أقوى، وهي قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا. وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ. ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ. يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا. إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ. إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} (الأعراف:٢٦).

والذي نفسي بيده! لو أبصرت النساء اليوم هذه الآية وحدها لكفتهن! ولكن أكثرهن -مع الأسف- هن كما قال الله تعالى عَمْياوَاتُ البصائر: {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ!} (الأعراف:١٩٨).

ومن جمالية التعبير القرآني بهذه الآية البصيرة؛ أنه تعالى ذَكَر لباس الثياب، ثم كنى عنه بالريش؛ وذلك لما للطائر من جمال إذ ينطلق بريشه محلقا في الفضاء، أو مستقرا على الشجر، أو ماشيا على الأرض. وما أتعسه من طير فقد ريشه! أو نتفه من يعذبه به! ألا ذلك هو العذاب الأليم! وقرن تعالى هذا كله بلباس التقوى، وإنما القصد (بلباس التقوى) صلاح النفس، لا اللباس المادي الظاهر، ولكنه هنا سيق ليكون هو غاية اللباس المادي في الإسلام، والمقصد الأساس من تشريعه. فإنما اللباس ما عبر عن ورع صاحبه وتقواه، ذكرا كان أم أنثى.

ومن ثَمَّ كان العهد الذي أخذه الله على الإنسان، بعدم عبادة الشيطان؛ يعود بنا إلى قصة العري والعصيان الآدمي. وذلك قول الله جل جلاله: {أَلَمْ

<<  <   >  >>