مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} (النور:٣١). ذلك ما يسمى بقياس الأولى في علم الأصول. وتحقيق مناطه هنا هو أنه إذا كان النص الصريح قد حرم عليها الضرب بالأرجل في الأرض، وخبط القدمين على الطريق؛ حتى لا تسمع الرجال ما خفي من زينة الحلي المعلقة على بدنها، وما يحدث عن ذلك من رنين يثير خيال الرجال؛ فيستحضرون صورتها الداخلية بمجرد الخيال! فكيف -بالله عليك- لو أنها عرضت ذلك عليهم عرضا؟ فوق ألبستها لا تحتها، بما لا تحتاج معه إلى الضرب برجليها، بل تظهره ألوانا وأشكالا، وجواهر وحليا فوق حجابها المزعوم؛ حتى يشهدوا بأعينهم عيانا، لا توهما ولا خيالا! إن إظهار المتحجاب -زعمن- لزينتهن؛ إنما هو أمر أشبه ما يكون بالابن العاق، الذي سمع قول الله تعالى في حق الوالدَيْن:{فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا}(الإسراء:٢٣) فقال: أنا لا أتأفف منهما ولا أنتهرهما، ولكني -فقط- أضربهما!
ويؤخذ من الآية المذكورة أيضا تحريم الخروج بالأحذية العالية، ذات الكعاب الدقيقة، مما يكون له فرقعة على الأرض، وطقطقة عند الخطو! حتى لكأنها تقول للرجال: اسمعوا وانظروا! ها أنا ذي مارة بين أيديكم! ألا قبح الله السَّفَه!
وجوب تغطية القدمين:
ومما وجب التنبيه عليه ما شاع في أوساط بعض المتدينات، من تساهل في تعرية أقدامهن، مع أن النصوص واضحة في وجوب ضرب اللباس عليهن سواء كان ذلك بالأزر والأردية أو بالجوارب. ومن النصوص في ذلك ما سلف ذكره من حديث عائشة في قوله صلى الله عليه وسلم لأختها أسماء:(يا أسماء! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا! وأشار إلى وجهه وكفيه) فهذا حصر لما يباح إظهاره من الجسم وهو الوجه والكفان. فامتنع بدلالة الحصر في مفهوم المخالفة تعريةُ القدمين وسائر الجسد ما عدا الوجه