للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي كل ذلك دليل واضح على أن قدم المرأة عورة وجب سترها. وقد اتفقوا على أن أقل عورة المرأة ما تصح به صلاتها. وهو سائر بدنها ما عدا الوجه والكفين.

ولا ينقض ذلك الحديث الصحيح الذي رواه أنس بن مالك قال: (لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر، وأم سليم، وإنهما لَمُشَمِّرَتَان، أرى خَدَم سوقهما، تنقزان القرب. وقال غيره: تنقلان القرب على متونهما، ثم تفرغانها في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيئان فتفرغانها في أفواه القوم.) (١)

ومعنى خَدَم سوقهما: الخلاخيل، جمع خَدَمة بفتح الخاء والدال المهملة، ويلزم عنه أنه رأى ليس القدم فحسب؛ بل ما فوقها من الساق! وانكشاف ذلك إنما هو لطبيعة الظرف غير العادي من الحرب وخدمة الجرحى! فالمعتمد إنما هو نصوص أحوال السلم، والعمومات التي سبقت. ولذلك قال الألباني في سياق حديثه عن انخراط النساء المسلمات في نوازل الحرب والقتال ونحوها: (وقد ينكشف منهن ما لا يجوز عادة!) وهو يقصد هذا الحديث وما في معناه. وقد ذكره في هذا السياق بالذات! (٢)

إن الحق في لباس المرأة قد ضاع بين فريقين. وكلاهما على غلو من فقهه: الأول قوم ألزموا المرأة ما لم يلزمها الله به من تغطية الوجه والكفين كما رأيت، وقوم تسيبوا فأباحوا كشف القدمين، وتزيين الألبسة من الجلابيب بما ينقض قصد شرع اللباس الإسلامي للمرأة من التقوى والعفاف. وكذا التشبه بالرجال فيما جرت العادة أن يلبسه الرجال من المعاطف والبنطلونات! ويضعن بعد ذلك على رؤوسهن خرقا بتلاويين وتشكيلات، ويقلن بعد ذلك إنهن محتجبات!


(١) متفق عليه.
(٢) الرد المفحم: ١٤٩.

<<  <   >  >>