للرأس يكون وافيا حتى تتمكن صاحبته من الضرب به على الجيوب. وإنما الجيوب -كما بيناها- هي: ثنايا العنق من النحر، والقفا، والمنكبين. وذلك مقتضى عبارة الأمر الرباني العظيم:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}. مع إدناء الثوب -سواء كان خمارا أو جلبابا، حسب طبيعة اللباس من بلد إلى آخر- وتقريبه؛ حتى تضرب به على بداية الوجه، وحتى يستوعب مقدمة الجبين على حدود الحواجب، ثم ترخيه على كتفيها وصدرها ونحرها، ثم تشده على ما هنالك؛ لتمتثل الضرب على الجيوب؛ استجابة لأمر الله جل وعلا.
- الخصيصة الثالثة: وتتمثل في المقصد الرسالي والدعوي. وذلك بالمجاهدة لتحصيل التقوى، في النفس وفي المجتمع، بما يرمز إليه اللباس الشرعي من معان جليلة، ودلالة على الانتساب إلى السابقين بالخيرات، والمرابطة به في سبيل الله مدافعةً لقوى الشر المتربصة بقيم الإسلام وتعاليمه، مما بيناه في كتاب (بلاغ الرسالة القرآنية)، إذ سبق قولنا:(اليوم تدور حرب حضارية كبرى، هذا قدَر زماننا، فإما أن نكون فيه ـ كما يجب أن نكون ـ أو لا نكون!
العري هزيمة! والعفاف خطوة كبرى في طريق الانتصار. ومن هنا جاء فرض الحجاب في القرآن، وفي القرآن نفسه قبل سواه. وما نزل القرآن بحكم إلا كان أمرا جليلا، وعزما مبينا، وكان هتكه جرما عظيما. فالستر يا بنيتي -لو تبصرين- جمال وجلال (...).
ثم إن حجابك الشرعي راية دعوة وجهاد لو تعلمين! إنه ناطق بكثير من المعاني، إنه يعلن للعالمين أن المرأة المسلمة ليست مجرد جسد للتجارة، في أسواق السياسة والإعلام! إنها نفس إنسانية تَسْبَح في فلك الأمانة الكونية التي حملها الإنسان. تؤدي وظيفتها الحقيقية، عمارةً في الأرض على المنهج الرباني،