وأقرأ به وفي جامع السِّنانية دروسًا خاصّةً وعامَّةً وانتفع به كثير من المتفقهة الشَّافعية، وكنت حضرت عليه حصةً من "شرح الحضرمية"، وسمعت منه "الشمائل"، و"الأربعين النووية" وغيرها، وأجاز لي إجازة عامَّة، وقد انتفعت بصحبته كثيرًا جزاه الله خيرًا.
وكان رحمه الله عالمًا لطيفًا، وفاضلًا ظريفًا متواضع النفس، سخي الكف، له لطف طبع ومنادمة مقبوله، واطلاع على أخبار المُتقدمين وله رسالة في الأخلاق التي ينبغي للإِنسان أن يكون عليها، أخذها من الآيات والأحاديث الشريفة، وله شعر متوسط مقبول، منه قوله في شروط السيران (١):
يا أيُّها الجمع على السِّيران ... فاجمعوا دراهم الإِخْوان
وبعدُ سيروا بالسّرور والهَنَاء ... وأَرسلوا أكلًا لنا يُشبعُنَا
وهيئوا هذا الذي ذكَرْتُه ... ونوع حَلوى ليس يخفي نعتُه
واصطحبوا صَوْتًا جميلًا حسَنًا ... ومن يكون مُطْرِبًا يُضْحِكُنا
وأبعدوا عمن إِلينا يَرْقُبُ ... وإِن تشاؤوا في الرِّياض فالعبوا
وانتخبوا لنا مكانًا مُعتبر ... وأَجْلسُونا حول زَهر ونَهر
لنجتلي ثلاثة تجلو الحَزَن ... الماء والخُضْرَة والشَّكْل الحَسَنُ
ولم يزل على سيرة حميدةٍ، وطريقه سديدةٍ، إلى أن أصابه
(١) السيران عند أهل دمشق: هو النُّزهة مع الأصحاب أو الأهل.