فـ "لكل امرءٍ ما نوى والأعمال بالنيات، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه"(١).
لكن اطلب العلم لتبتغي به وجه الله تعالى وتعرف به أحكامه وفرائضه وحُدوده؛ لتعمل وتُعلِّم غيرك من المؤمنين فتقيم به دين الله عزَّ وجلّ بين أظهر المسلمين، فتكون بذلك ناصرًا للشريعة وجُنديًّا من جنودِ الله عزَّ وجلّ، إذا اهتدى بك رجل واحدٌ كان ذلك أفضلُ لك مما طلعت عليه الشمس، وتصير بهذه النيّة إن شاء الله تعالى من خواصِّ العلماء أهل القلوب المنوّرة الذين ورثوا ثمرة العلم ووصلوا إلى حقيقته، وهم أهل الخشيةِ والمخافةِ، قال الله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: ٢٨].
واحذر أن يكون قلبُك كقلوب علماء الدُّنيا؛ فإِن قلوبهم لاهية، وعلى الدُّنيا والمناصب مُقبلة، يفرحون بوجود الدنيا ويحزنون على فواتها، يُحبّون الرِّفعة والسُّمعة؛ فأولئك صار العلمُ لهم كسبًا ينالون به دنياهم ومناصبهم؛ إذ لِكُلِّ امرئ ما نوى، ومن عامل الله لم يخسر.
وفي بعض الآثار يقول الله عزَّ وجلّ:"إنما خلقت الخلق ليربحوا عليّ"، فطوبى لمن كانت معاملته مع الله عزَّ وجلّ ورُزِقَ
(١) أخرجه البخاري (١/ ٩)، ومسلم (٣/ ١٥١٥) من حديث عمر رضي الله عنه.