جوار السادة الأبرار، والأتقياء الأخيار، والقرب من نبيك وحبيبك محمَّد - صلى الله عليه وسلم - النَّبِيِّ المُختار، والفوز بالدنوِّ من محل تجلياتك تباركت وتعاليت وتقدَّست في ذاتك وصفاتك، (وتنجنا) بحذف المثناة التحتية لعطفه على المجزوم قبله، من عذاب (النار) وأهوالها.
وحاصل جوابهم: أنهم لما رأوا من النعيم في تلك الدار ممَّا لم تره أعينهم، ولم تسمع بمثله آذانهم، ولم يخطر على قلب أحد منهم، فهموا أن لا مزيد على ذلك النعيم الذي أُوتوه، وظنوا أن لا أفضل مما أُعطوه، فحينئذ ينجز الله تعالى لهم وعده على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - في قوله:"إنكم سترون ربكم ... " إلخ.
(ويَكشف) بفتح التحتية: مبني للفاعل، والفاعل ضمير يعود إلى الله تعالى.
(الحجاب) أي: الستر الذي حجب به أبصار العباد عن النظر إلى بديع ذاته، وجمال تجلِّيات صفاته لضعفها وحدوثها، فإذا أماط ذلك الحجاب عن أبصارهم ورفعه جعل لها استعدادًا وقوَّة ليتأهَّلوا للنظر والرُّؤية، ولولا ذلك لما أطاقوا شيئًا من تجلِّياته فضلًا عن أن يطيقوا التمتُّع بالنظر إلى بهيِّ سنيِّ عليِّ كمالِ جمالِ ذاتِه، فعند ذلك يتجلَّى عليهم الرب جلَّ جلاله من غيبه المكنون ويقول لهم: أنا الحبيب وأنتم المُحبُّون، فيرون ربهم بأعين رؤوسهم رؤية حقيقية لا في مكان ولا على جهة من مقابلة أو اتصالِ شعاعٍ أو ثبوتِ مسافةٍ