ينسبونَه إلى سُوءِ العقيدة، ومن ثَمَّ مَنَعَ الفقهاءُ عن التزام قراءةِ سورة الدَّهر وتنزيلِ السَّجدة في صَلاةِ فجر الجمعة مع كونه ثابتًا في الأخبار المشهورة، وعن سجدةٍ منفردة بعد صلاةِ الوتر، وأمثال ذلك مما يُفْضي إلى ظنِّ العوام أنَّه من السُنَّة، وأنَّ مخالفته بدعة، ونظائرُه كثيرة في كتبِ العلوم شهيرة.
وقد بلغ التزام خُطبة الوداع، والاهتمام بها في أعصارنا وديارنا إلى حدٍّ أفسد ظنونَ الجَهَلَة، فعلى أهلِ العلمِ الذين هم كالمِلْح في الطعام، إذا فَسَدَ فَسَدَ الطَّعام، أن يتركوا الالتزام.
هذا ما عندي، ولعلَّ عند غيري أحسن ممَّا عندي، وهذا آخر الكلام في هذه الرسالة (١)، وكان ذلك ليلة الإِثنين السابع والعشرين من صفر من
(١) ومما يلحقُ بمحدثات آخر جمعة رمضان أيضًا ما ذكره المؤلِّف رحمه الله تعالى في خاتمة كتابه: "إقامة الحجة على أنَّ الإِكثار في التعبُّد ليس ببدعة" ص ١٥٤ - ١٥٦ فيما يعمله الناس في ليلة السابع والعشرين من رمضان في ختم القرآن كلِّه، وتزيين المساجد بالفرش، وتعليق القناديل وإسْراج السُّرج. فأجاب -رحمه الله تعالى- ما ملخصُهُ: "أنَّ فيما تداولوه أمورًا بعضها حسنة، وبعضها مُستقْبحة: الأول: ختم القرآن في ليلة أمر حسنٌ مرغوب فيه، قد فعله كثير من السلف. والثاني: سُرعة القراءة، فإنهم يسرعون في القراءة إلى حيث لا تخرج الحروف من مخارجها فضلًا عن التدبُّر والترتيل، وهو أمر قبيح، بل منهم من يُسرع بحيث يترك آيات ولا تقدِر سامعُهُ -بسبب سرعته- أن يفتح عليه، بل منهم من لا يأخذ فتحه لئلا يخلّ بسرعته، وأيُّ أمر أقبح من هذا؟!! والثالث: تكاسل السَّامعين، فإن الحافظ إذا قام للقراءة ينتظرون لركوع الركعة الأولى، فإذا أراد أن يركع يشتركون معه. والرابع: تنفير المُقْتدين، فإن الحافظ إذا طوَّل في القراءة يُثقل ذلك على من اقتدى به، فمنهم من يقعد، ومنهم من يُراوح بين القَدَمين، ومنهم من يَنقصُ الركعة، ويسمع جالسًا خارج الصلاة، =