نابلس في شعبان، وبها توفي سحر ليلة الأحد ٢٧ رمضان سنة ١٢٠٠ هـ مطعونًا بعد أن تعلَّل يومًا وليلة، وجُهِّزَ وصلِّي عليه ودُفِن بالمقبرة الزاركية قرب شيخنا السَّفاريني، وتأسَّف عليه النَاس وحزنوا عليه جدًّا، وانقطع الفنّ من تلك البلاد بموته، رحمه الله تعالى وعوَّض شبابه الجنَّة.
ولم يخلف إلاَّ ابنة اسمها سارة، وهي ممن كتبتُ لها الإِجازة في الثانية من عُمرها مع جماعة في استدعاء.
وقد رُئي بعد موته بليال وهو يقول: وضعتموني في قبر ضيِّق ولكني ما مكثت به غير ساعة ثُمَّ نُقِلت.
وله مؤلَّفات في فنّ الحديث، وهي رسائِلُ صغار، أطلعني وقرَّظتُ له على بعضها، منها: رسالة في "تحقيق مراتب الحفظ والحفَّاظ" ما نصَّه: أما بعد، فقد سَرَّحْتُ طرفي في رياض هذه النَّميقة المشتملة على لوامع فرائد رياضها النَّقِيَّة، قد شهدتْ لمؤلفها بعلوِّ المقامِ وكمال السَّليقة، ودلَّت بتمييزها أن موشي بُرْدها قد استكمل في الفنّ الطريقة، وحاز بتبيين مراتب الحفظ تحقيقه، فللَّه درّه من مُحَدِّثٍ ساعَدَتْهُ في سعة الاطِّلاع أيادي السُّعود؛ حتى تناول ثريّا الفضائل عن قعود، ألا وهو الفاضِلُ الضَّابِطُ، الماهر العالِم الأَوْحد، البَحر الزَّاخر، عينُ أعيان العُلماء الكُمَّل، واللَّوذعي الحُلاحل الذي عليه في هذا الفن المعول، الشَّريف صفيّ الدِّين أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد أفضل الحسيني البُخاري؛ فهذا الذي رَوَّى رياض الحديث وأبرز ثمارها، وطَرَّزَ طروس الإِفادة وجَمَّلَ أشعارها، وأنار بنيِّر بصيرته طُرق الدِّراية، وشدَّ أزرها؛ وأظهر من مكنون خاطره عرائس نفائسها، وأعلى قدرها؛ فلا زال نظام الحديث به مُتَّسقًا،