حقيقة المعرفة، بخلاف السَّمكِ في الماء الصافي، يجوز بيعه [إذا كان يراه تحت الماء، وكذلك الأرض إذا كان عليها ماء صافٍ يراها تحته]؛ لأن الماء من صلاحه ومحل حياته [ولا يمنع معرفته].
ولو وكل وكيلاً بالشراء، يشترط رؤية الوكيل؛ لأنه من أحكام العقْد، فتعلق بالوكيل؛ كالإيجاب والقبول. وإن رآه الوكيل، ولم يره الموكل، صح العقد، وإن رآه الموكل دون الوكيل، لا يصح.
وإن قلنا: شراء الغائب يصح، فيشترط ذِكْرُ الجِنْس والنوع، فإن قال: بعتك ما في كُمي أو ما في كفي، أو بعتك حيواناً أو رقيقاً لا يصح؛ حتى يقول: بعتك عبدي أو جاريتي أو فرسي أو حماري ويذكر نوعه: فيقولك عبدي الهندي أو التركي، أو ثوبي الهروي أو المروي. ثم إن كان له عبدان من هذا النوع، يجب أن يذكر ما يقع التمييز به بين المبيع، وغيره من: وصف، أو سن، أو المكان الذي هو فيه. فإن لم يكن إلا واحد؛ فهل يشترط وراء ذكر النوع ذكر وصف آخر؟ فيه وجهان:
أصحهما، وبه قال أبو حنيفة رحمة الله عليه-: لا يشترط؛ لأن خيار الرؤية ثابت له؛ فلا معنى للاستقصاء في الوصف.
والثاني: يشترط ذكر الصفات. ثم فيه وجهان:
أحدهما: يشترط ذكر صفات السلم.
والثاني: معظم الصفات؛ وهو ما يوصف به المدعي عند القاضي، ثم إن رآه المشتري يثبت له الخيار، وإن كان قد وصفه البائع بجميع أوصافه، ووجده المشتري؛ كما وصفه؛ لأنه بيع الخيار؛ فذكر الوصف فيه لا يسقط خياره.
ويجوز للمشتري الفسخ قبل الرؤية، ولا تجوز الإجازة؛ لأن المانع من اللزوم عدم الرؤية، فلا يلزم قبل الرؤية بخلاف الفسخ "جاز"؛ لأن الفسخ دليل عدم الرضا، وعدم الرؤية مناسب له، والإجازة دليل الرضا؛ فلا يناسبه عدم الرؤية.
وإذا باع شيئاً لم يره وجوزنا، فهل يثبت للبائع الخيار إذا رآه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يثبت؛ كما يثبت للمشتري؛ بدليل أنهما استويا في خيار المكان والشرط.
والثاني - وهو الأصح وبه قال أبو حنيفة: لا خيار له؛ لأن جانبه أبعدُ عن الخيار،