فعلى هذا: لا خيار له عند الرؤية؛ إلا أن يجده متغيراً عما رآه؛ فله الخيار؛ لأجل التغير.
فلو وجده متغيراً؛ فاختلفا: فقال البائع: كان هذا التغير موجوداً يوم الرؤية؛ فلاخيار لك. وقال المشتري: بل حدثبعد؛ فلي الخيار - فالقول قولُ المشتري مع يمينه؛ لأن البائع يدعي عليه الرضا بالتغير، وهو ينكر.
فرع: ولو اشترى عينين: إحداهما حاضرة، والأخرى غائبة صفقة واحدة: فإن قلنا: شراء الغائب لا يصح، فلا يصح العقد في الغائبة، وفي الحاضرة قولان؛ كما لو باع ماله. وما ليس له صفقة واحدة، ففي صحته فيما له قولان.
وإن قلنا: شراء الغائب يصح، فقد جمع بين مختلفي الحكم؛ لأن الحاضرة لا يثبت فيه الخيار، ويثبت [الخيار] في الغائبة. وفي مثل هذا العقد قولان:
أصحهما: يجوزُ العقد فيهما جميعاً، ثم يجوز له رد الغائبة، وإمساك الحاضرة.
وإذا اشترى عينين غائبتين؛ فأراد الفسخ في أحداهما هل له ذلك؟ فعلى قولي تفريق الصفقة في الرد بالعيب.
فرع: ولو ملك عبدين، فقال: بعتك أحدهما، ولمي بين - لا يصح العقد؛ كما لو قال: بعتك شاة من هذا القطيع، ولم يبين فلو كان له واحد، فقال: بعتك عبدي من هذه العبيد، أو شاتي من هذا القطيع، ولم يبين [للمشتري] فقد قيل هو كشراء الغائب، وإن كان يرى الكل؛ لأنه لا يعرف المبيع بعينه. فإذا بين فللمشتري الخيار، كما لو رأى الغائب.
قلت: والذي عندي أن هذا البيع باطل؛ لأن المبيع غير متعين، بخلاف الغائب؛ فهو كما لو قال: بعتك عبداً منها، ولم يضف إلى نفسه لا يصح.
وقال أبو حنيفة رحمة الله عليه: إذا قال: بعتك عبداً من هذه العبيد الثلاث على أنك تختار أيهم شئت يجوز. ولم يجوز في الأربع، ولا يتبين الفرق بينهما.
فرع: ولو اشترى جوهرة ظنها عقيقاً، فإذا هي زجاج صح العقد إن كانت لها قيمة، ولا خيار للمشتري إذا علم؛ لأنه اغتر بعلمه؛ كما لو اشترى دابة ضخم البطن ظنها حاملاً، فلم يكن، لا خيار له.