للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجوب التقابض، ثم قال في آخر الحديث: "ولكن بيعوا الذهب بالورق، والبر بالشعير؛ يداً بيد كيف شئتم" فأوجب التقابض عند اختلاف الجنس؛ بقوله: "يداً بيد"، وأباح التفاضل بقوله: "كيف شئتم"، فلو تصادفا أو تبايعاً طعاماً بطعام، وتفرقا قبل أن يتقابضا بطل العقد.

ولو تقابضا بعض كل واحد من العوضين، ثم تفرقا - بطل في غير المقبوض، وهل يبطل في المقبوض؟ فيه قولان؛ كما لو باع شيئين؛ فتلف أحدهما قبل القبض ينفسخ العقد في التالف، وهل ينفسخ في الآخر؟ فيه قولان:

أصحهما - وبه قال أبو حنيفة رحمة الله عليه: لا ينفسخ.

ولو طال مقامهما في المجلس، أو فارقا ذلك المكان، ولم يتفرقا ثم قبضا - جاز.

ولو تخايرا في المجلس قبل التقابض، أو في السلم تخايرا قبل قبض رأس مال السلم - بطل العقد؛ لأن التخاير بمنزلة التفرق.

وقال ابن سريج: لا يبطل العقد؛ لبقاء المجلس؛ فعلى هذا: إذا تقابضا فلا خيار؛ لأن العقد قد لزم بالتخاير.

ولو وكل أحدهما وكيلاً بالقبض؛ نظر: إن قبض الوكيل قبل مفارقة الموكل مكان العقد- جاز، وإن فارق الموكل قبل قبض الوكيل، بطل العقد؛ وهذا بخلاف ما لو مات أحد المتبايعين قبل القبض، قام وارثه مقامه في القبض على قولنا: إن خيار المكان يورث؛ لأنه يقبض لنفسه، وقد أقامه الله مقام مورثه، والوكيل يقبض لغيره؛ فلا يجوز قبضه في حال لا يجوز للموكل العاقد.

إذا باع غير مال الربا بجنسه، يجوز متفاضلاً وجزافاً نقداً ونسيئة؛ حتى لو أسلم ثوباً في ثوب، أو في ثوبين، أو باع رطل نحاس أو حديد برطلين، أو باع حيواناً بحيوانين يجوز؛ لما رُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أشتري بعيراً ببعيرين إلى أجل".

<<  <  ج: ص:  >  >>