وكذلك ما ليس بلازمٍ, ولكنه يُفضي إلى اللزوم؛ كالثمن في زمان الخيار - يجوز الرهنُ به.
أما ما لا يُفضي إلى اللزوم؛ كالدية على العاقلة, ونجوم الكتابة - لا يجوز الرهن به؛ لأن الرهن يرادُ لتوثيق الدّين, ومال الكتابة لا يمكن توثيقه؛ لأن المكاتب يملك إسقاطه.
وكذلك الديةُ تسقط بإعْسار العاقلة؛ فلا يمكن توثيقه, وكذلك بدل الجَعَالة لا يجوز الرهن به قبل الفراغ من العمل, وبعده يجوز؛ لأنه قد لزم.
وقيل: تجوزُ بعد الشروع في العمل, قبل الفراغ منه, والأصح: أنه لا يجوز؛ لأنه لا يصيرُ لازمًا بنفسه إلا بالعمل, بخلاف الثّمن في زمان الخيار.
أما مال المسابقة والمناضلة, إن جعلناه إجارةً, جاز الرهنُ به, وإلا فكالجعالة.
أما العملُ في الإجارة, نظر: إن كانت الإجارة على عمل الأجير لعينه - لا يجوز الرهن به؛ لأن استيفاء عمله من غيره لا يمكن.
وإن كان على عملٍ في الذمة - يجوز؛ لأنه يمكنه استيفاؤه من الرهن بأن يباع؛ فيستأجر من ثمنه من يعمل.
ولا يجوز الرهن قبل ثبوت الحق؛ بأن قال: رهنتك هذا بألف أستقرضه منك, أو بثمن عبد أشتريه منك, وكذلك الضّمان, وجوز أبو حنيفة الرّهن والضمان قبل ثبوت الحق.
وإذا قبضه قبل ثبوت الحق يكون مأخوذًا على جهة سوم الرّهن, فإذا أقرضه بعده صَارَ رهنًا, قلت: لا يصير رهنًا حتى يقول: رهنت به, ولو اقترن الرهن بوجوب الدّين - يجوز؛ مثل أن يقول: بعتك هذا العبد بألف, وارتهنت دارك, فقال المشتري: اشتريت ورهنتُ, أو قال: أقرضتك هذه الألف, وارتهنت عبدك, فقال: استقرضتُ ورهنتُ, أو قال المشتري: اشتريت عبدك بألف, ورهنتك داري, فقال البائع: بعتُ وارتهنت.
وشرطه: أن يوجد أحد مصراعي الرّهن بين مصراعي البيع.
والثاني: بعد مصراعي البيع, فإن تقدم أحدُ مصراعي الرهن على مصراعي البيع؛ بأن قال البائع: ارتهنت وبعت, وقال المشتري: اشتريت ورهنت, أو وجد مصراعا الرهن بين مصراعي البيع؛ بأن قال البائع: بعت وارتهنت, وقال المشتري: رهنت واشتريت - لم يصح.