فإن سلم عنهما جميعًا - جاز وتمَّ الرهن.
وإن سلم عن الرهن دون الإجارة - جاز عنهما؛ لأن التسليم عن الإجارة مستحقٌ؛ فيقع عنه.
ولو أن المرتهن أودع الرهن من الراهن بعد ما قبضه - لا يبطل الرهنُ. وإقرار الراهن بإقباض الرهن مقبول عند الإمكان.
فإن قال: رهنت اليوم دارًا ببلد كذا من فلان وأقبضته - وهو غائب عن تلك البلدة - لا يصحُّ الإقرار؛ لأنه لم يمض زمان إمكان القبض.
فلو أقر في موضع الإمكان ثم أنكر, وقال: ما أقبضت - لم يقبل قوله, وهل له تحْليف المرتهن؟
اختلف أصحابنا فيه, فمن أصحابنا من قال: له تحليفه على أنه أقبضه؛ لأنه يحتمل أن يكون إقرار الراهن بالإقباض وعدًا منه بأن يقبضه لا في حقيقة.
وقال أبو إسحاق: ليس له تحليفه, وهذا أصح؛ لأنه يكذب نفسه بالإنكار, إلا أن يؤول الإقرار الأول تأويلًا, فيقول: كنت أقبضتُ باللسان, وظننت أنه صحيحٌ فأقررت, أو ورد على كتاب من وكيلي أنه أقبضه فأقررت بذلك, فبان أنه كان مزورًا؛ حينئذٍ تُسمع دعواه, ويحلف المُرتهن.
ولو رهن شيئًا, وهو في يد المرتهن حالة العقد, أو وهب منه وهو في يد المُتهب - فيشترط مُضي إمكان القبض.
وقيل: لا يشترط الإذنُ في القبض؛ كما في البيع.
والأول المذهب بخلاف الجميع: لا يشترط فيه الإذن؛ لأن الإقباض تمَّ واجب؛ فوقع القبض المُستديم عن الواجب.
وفي الرّهن والهبة - لا يجب الإقباض, فيشترط الإذنُ في القبض؛ لأن القبضَ المستدام ليس قبض ولا هبةٍ.
فإن لم يشترط الإذن في القبض - فمضيُّ الإمكان من وقت العقد, وإن شرطنا فيكون مضى إمكان القبض من وقت الإذن في القبض, حتى يجوز - للرّاهن الرجوع فيه قبله.
ولو تلف الرهنُ قبله - كان للمرتهن فسخ البيع, إن كان الرهن مشروطًا فيه؛ كما لو تلف في يد الرّاهن.
ومضي إمكان القبض, هو أن يمضي من الزمان قدر ما يمكنه المصير إليه, ونقله حيث ما كان.