يكون قريبَ عهدٍ بالإسلام, أو نَشِأ بباديةٍ بعيدةٍ من المسلمين؛ كما لو زنى بامرأة, ثم ادَّعى الجَهْلَ بتحريم الزِّنا.
ولو وَطِئها بالشُّبهة فلا حدَّ, ويجب المهرُ, وإذا أولدها فالولدُ ثابتُ النسب, وعليه قيمتهُ للراهن كوطءِ غير المرهونةِ.
أما إذا وطئها بإذن الراهن- نظر: إن كان عالمًا بالتحريم, فالمذهبُ: أن عليه الحَدَّ؛ كما لو وطئ بدون إذنه, وقيل: لا حَدَّ؛ لاختلافِ العلماءِ.
فإن عطاء كان يُجوزُ وطءَ جاريةِ الغير بإذن مَالِكِهَا. وليس بصحيح؛ لأن صورةَ الاختلاف لا تصيرُ شبهةٌ من غير دليلٍ.
فلو وطئها عالمًا, أو ادَّعى الجهل بالتخريم عند وُجودِ الإذن من المالك- يقبل ويُدرأ عنه الحَدُّ, وإن طال عهدُه بالإسلام, او نشأ فيما بين المسلمين فقيل: لا يقبل, إلا أن يكون قَريبَ عَهْدِ بالإسلام, أو نشأ فى باديةٍ, أو موضعَ بَعيدٍ من المسلمين؛ كما لو وطئها بغير إذن الراهن وادَّعى الجَهَالةَ.
والأول أصحُّ, بخلاف ما لو وطئ بغير إذن الرَّاهنِ؛ لأن أمرَ التحريمِ يَخْفى على العوام عند وُجودِ الإذن؛ كما خفى على إعطاء مع علمه؛ فقبل قوله.
وعند عَدَم الإذن لا يخفى, إلا على مَنْ كان قريبَ العهدِ بالإسلام, فلم يقبلْ قولُه إلا فى هذه الحالةِ.
فإذا ادَّعى الجَهالة ودَرَأنا الحدَّ- فإن أولده الولدُ حرٌّ ثابتُ النَّسبِ وعليه قيمته, وهل يجبُ المهرُ؟
فيه قولان:
أحدهما: لا يجب؛ لأن الإذنَ من الحرِّ المستوجِب للمهر فى الوطء- يوجب سُقُوطَ المهرِ؛ كالحرَّة إذا زَنَتْ لا مَهْرَ لَهَا.
والثانى: وهو الأصحُّ؛ وبه قال أبو حنيفة: يجب المهرُ؛ كما تجب قيمة الولد؛ ولأن وجودَ المهرِ بالوطءِ حيث لا يَجبُ الحدُّ- حق الشرع, فلا يسقطُ بالإذن, كالمُفوضةِ تستحقُ لمهر بالدخول
فإن قلنا: يجب المهرُ بذلك إذا لم تكُنِ المرأةُ طائعةٌ, فإن كانت طائعةٌ, وقلنا بطواعيتها- يسقط المهرُ؛ فلا يَجِبُ.
فكل موضع أثبتنا النَّسب, فالجارية لا تصير أُمَّ ولدِ له فى الحال. فإذا مَلَكَها بعده فعلى قولين.