لك حتى تُعَجَّلَ حقَّى؛ فيفسد الإذنُ.
أما إذا أذن له فى بيعه, وشرط أن يَرْهَنَ ثَمَنَهُ مكانه, سواء كان الحقُّ حالًا أو مؤجلًا - ففيه قولان:
أحدهما: الإذن فاسِدٌ, ولا يصحُّ البيع؛ كما لو شَرَطَ تعجيلَ الحقِّ.
والثانى: يَصِحُّ الإذن والبيع, وعليه أن يرهن ثمنه؛ لأنه لم يشترط لنفعه زِيادةٌ لم تكن, فإنَّ نَقْل الحقُ من غير الرهن إلى بَدَلِهِ من قَضيَّة العقدِ, ألا ترى لو قيل: المرهونُ قاتل يغرم قيمته, ويكون رهنه مكانه.
فلو باعه الراهنُ ثم اختلفا, فقال المرتهن: أذنت لك, بِشَرْطِ أن تَرْهَنَ ثمنه, فقال الراهن: لا بل مطلقًا.
فالقولُ قولُ المرتهن مع يمينه؛ لأنهما لو اختلفا فى أصْلِ الإذن- كان القولُ قَوْلَه. ثم إن كان هذا الاختلافُ قبل البيع- لا يجوزُ للراهن بيعه بعده.
ولو باعه لا يَصحُّ, فإن كان بعد البيع, وحلف المرتهن- إن قلنا: الإذنُ صحيحٌ, يجب على الراهن أن يرهن ثمنه.
وإن قلنا: الإذن فَاسدٌ, فإن صدق المشترى المرتهن, ردَّ البيع, وكان رَهْنًا. وإن كذبه قال الشيخ: نُظِر: إن أقَرَّ أنه كان موضع مرهونًا, ويدعى أن الإذنَ كان مطلقًا؛ كما يقول الراهن - فيمينُ المرتهنِ حُجَّةٌ عليه, وعليه رَدُّهُ.
وإن أنكر كونه مرهونًا, حلف, وعلى الراهن أن يَرْهَن قيمتَهُ.
فَصْلٌ فى رهن أرض الخراج
رَهْنُ أرْضِ الخَرَاجِ لاَ يجوزُ.
وهو أن: يفتحَ الإمامُ بلدًا عَنوةٌ, وصارت الأراضى لِلغانِمينَ, فاستطاب الإمام أنْفُسَ الغانمين بمال أعْطاهُمْ, وأخذها منهم فوقفها, وضرب عليها خراجًا معلومًا؛ كما فعل عمر بسواد العراق.
أو فتح بلدًا صُلحًا على أن الأراضى للمسلمين, والكفار يَسكُنونَها بخراجٍ مَعلومٍ, فلا يجوز رَهْنُ هذه الأراضى؛ كالأرض الموقوفة.
فإن كانَ فيها غِراسٌ من أصل تلك الأشجارِ, أو بناء من تلك التُّربة- فلا يصحُّ رهنُ ذلك الغرس والبناء, كالأصل.