يتملكه [بعوض]، وهل له فسخ البيع المشروط فيه؟ فعلى وجهين:
أحدهما: له ذلك؛ لأنه لم يسلم له جميع الرهن.
والثاني: وهو الأصح والمنصوص: أنه لا فسخ له؛ لأن فقد الصفة لا يثبت حق الفسخ بعد التلف كما لو هلك المبيع عنده ثم وجد به عيباً، لا يثبت له فسخ البيع.
ومن قال بالأول، قال: في البيع يستدرك الظلامة بأخذ الأرش، ولا أرش ههنا فكان له الفسخ.
والثاني، وهو المذهب: لا يثبت الفسخ؛ لأن الفسخ إنما يثبت إذا أمكنه رد العين كما أخذ، حتى فرع أصحابنا عليه: وقالوا: لو رهن شيئين فسلم أحدهما، فتلف في يده- لا يجب على الراهن تسليم الثاني؛ لأنه رهن غير مقبوض، ولا خيار للمرتهن؛ لأنه لا يتمكن من رد ما قبضه.
ولو باع شيئاً، وشرط أن يكون المبيع نفسه رهناً بالثمن- لا يصح البيع؛ لأن الثمن إن كان مجهولاً لا يجوز له حبس المبيع لاستيفاء الثمن، وإن كان حالاً فحبس المبيع له ثابت لاستيفاء الثمن.
فلا معنى للحبس بحكم الرهن، وبين الحبسين اختلاف، من حيث إن هلاك الرهن لا يسقط الدين، وبهلاك المبيع المحبوس يسقط الثمن، والمالك ينتفع بالرهن، والمشتري لا ينتفع بالمبيع قبل القبض.
وكذلك لو شرط أن يقبض المبيع، ثم يرده إليه رهناً- لا يصح البيع.
أما إذا لم يشرط ذلك في البيع، بل رهنه بالثمن، من غير شرط أن يرهنه بعد القبض- جاز.
وإن رهنه قبل القبض، والثمن مؤجل. قلت: فهو كما لو رهن منه بدين آخر، وإن كان حالاً، فلا؛ لأن الحبس له ثابت.
فصلٌ في الاختلاف
إذا اختلفا في الرهن، فقال رب الدين: رهنتني عبدك، وأنكر المالك. أو قال الراهن: رهنتك عبدي، وقال المرتهن: بل دارك؛ فإن كان الرهن مشروطاً في البيع يتحالفان.
ثم إن لم يوافق أحدهما الآخر، يفسخ العقد بينهما. وإن كان رهن تبرُّع، فالقول قول الراهن مع يمينه.