ولو أنَّ البائع باعه، أو أعتقه، أو كانت جارية وطئها- هل يكون فسخاً؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا يكون فسخاً.
ولو كان المشتري وماله وفاء بالدين-: لم يكن للبائع أخذ عين ماله؛ كما في الحياة، فإن لم يكن وفاء-: جاز.
وقال الإصطخري: له أخذ ماله، وإن كان ماله وفاء بالدين؛ لقوله- عليه السلام-: "أيما رجل مات أو أفلس".
وعند مالك- رحمة الله عليه-: إن أفلس في حياته-: للبائع أخذ ماله، فإن مات مفلساً- فلا.
وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: لا يجوز الحجر بسبب الإفلاس، غير أنه لو حجر عليه وأمضاه حاكم-: نفد، ثم ليس للبائع أخذ عين ماله؛ بل يضارب الغرماء بالثمن، والحديث حُجة عليه.
ثم حق الفسخ، هل يكون على الفور؟ فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون على الفور؛ كخيار الرد بالعيب.
والثاني: يكون على التراضي؛ كخيار الرجوع في الهبة من الابن.
وإذا أراد الفسخ، فقال الغرماء: لا نفسخ حتى نقدمك على أنفسنا-: فله الفسخ؛ لأنه ربما يظهر غريم آخر؛ فلا يرضى بتقديمه.
ولو قالوا لواحد منهم: لا تفسخ، حتى أعطيك الثمن من مالي-: فله أن يفسخ، ولا يقبل ما يعطى؛ كالمشتري: إذا وجد بالمبيع عيباً؛ فبذل البائع الأرش-: له ألا ينتقل، ويفسخ البيع؛ فلو قبل من الغريم مالاً أعطاه، ثم ظهر غريم آخر: لا يزاحمه فيه، أما بعد موت المديون: إذا قال الوارث: لا تأخذ مالك، حتى أقدمك على الغرماء: فله أخذ ماله؛ لأن الغرماء لا يرضون به، فلو قال: لا تأخذ؛ حتى أؤدي حقك من مالي-: فقد قيل: لا فسخ له؛ لأن الوارث خليفة الموروث-: فله تخليص المبيع لنفسه بأداء الثمن.
ثمَّ: إذا ظهر غريم آخر-: لا يزاحمه فيما أخذ؛ لأنه ليس من التركة.
وقيل: لا يسقط حقه من الفسخ؛ كما لو قال الغرماء؛ لأنه استحق الفسخ؛ فلا يسقط حقه بتبرعهم؛ كالمرأة إذا استحقت فسخ النكاح بإعسار الزوج، فتطوع إنسان ببذل نفقتها-: لا يسقط حقها من الفسخ، وإن كان المشتري، ولكنه امتنع من دفع الثمن؛ فلا حجة للبائع، أو كان المشتري غائباً أو مات ملياً.