بحقوقهم-: فهم يضاربون المصدقين بجميع دينهم أم بقدر ما بقي؟ فيه وجهان:
أحدهما: بقدر ما بقي؛ لأنهم يعتقدون أنهم أخذوا بعض الدين من مال المفلس.
والثاني: بجميع الدين؛ لأن المصدقين يعتقدون أن ذمة المفلس لم تبرأ عن شيء من دينهم.
ولو باع أرضاً فغرس أو بنى فيها المشتري، ثم أفلس بالثمن-: يجوز للبائع أن يرجع في الأرض، ولم يكن له إجبار المفلس على قلع الغراس، ثم ينظر: إن اتفق المفلس والغرماء على قلع الغراس أو البناء-: لهم ذلك، وعلى المفلس تسوية الأرض، وأرش ما نقص، أو حدث في الأرض بسبب القلع؛ لأنه نقص حصل لتحصيل ماله، وتُقدم على ذلك سائر الديون؛ لأنه لإصلاح ماله؛ كنفقة العبيد، وأجرة الحمَّال، وإن لم ينفقوا-: فالبائع يأخذ الأرض، وهو بالخيار في الغراس والبناء، إن شاء تملكها بالقيمة، وإن شاء قلعها وضم أرش النقصان؛ بخلاف ما لو زرعها المشتري-: ليس للبائع تملك الزرع ولا قلعه؛ لأن لحصاده وقتاً معلوماً، والبناء والغراس للتأبير، فلو أراد البائع أن يأخذ الأرض ويترك الغراس والبناء للغرماء- هل له ذلك؟ فيه قولان.
أحدهما- وهو اختيار المزني-: له ذلك؛ كما لو اشترى ثوباً، وصبغه بصبغ من عنده، ثم أفلس-: يجوز للبائع أن يرجع في الثوب والغرماء شركاء معه في الصبغ.
والقول الثاني: ليس للبائع أن يأخذ الأرض، ويترك الغراس والبناء؛ لأن فيه ضرراً على المفلس والغرماء؛ لأنه يبقى لهم غراس، بلا أرض ولا شرب، وبناء بلا ممر، ولأن من يشتري البناء والغراس لا يستقر عليه ملكه، فإن للبائع قلعها بعد البيع، فيثبت للمشتري رد المبيع بسببه بخلاف الصبغ؛ فإن إفراده بالبيع لا يجوز، فإن لم يجوِّز: فالبائع يضارب الغرماء بالثمن أو يتملك الغراس والبناء بالقيمة أو يقلع، ويضمن أرش النقصان؟ وإن جوَّزنا له الرجوع في الأرض، فرجع، فإن اتفق البائع والغرماء على بيع الأرض مع الغراس والبناء-: جاز، ويقسم الثمن بينهم على قيمة الأرض، وعلى البناء والغراس.
ولو أراد المفلس والغرماء بيع الغراس والبناء، وامتنع البائع عن بيع الأرض-: هل يجبر عليه؟ فيه قولان:
أحدهما: يجبر؛ كما يباع الثوب المصبوغ؛ دفعاً للضرر.
والثاني: لا يجبر؛ لأن بيع كل واحد على الانفراد ممكن؛ بخلاف الصبغ.
ولو لم يتفقا فباع المفلس والغرماء البناء والأشجار-: جاز للبائع بعده أن يتملكها بالقيمة، أو يقلعها ويضمن أرش النقصان، وللمشتري الخيار في فسخ البيع، إن كان جاهلاً بالحال.