ذلك باختيار مستحقه كالقرض وثمن المبيع-: فلا يشارك الغرماء بالقيمة بشيء أخذ منه حقه، وإن لم يفضل فحتى يجد؛ لأنه لما عامله مع علمه بإفلاسه-: فقد رضي بذمة خربة، وإن لم يعلم بإفلاسه-: فقد فرط حين دخل معاملته على غير يقين؛ فيلزمه الصبر.
وإن لزم ذلك الدين بغير اختيار مستحقه بجناية أو إتلاف مال-: ففيه وجهان:
الصحيح: أنه يشارك الغرماء القيمة؛ لأنه لم يكن من جهته التفريط-: فلا يلزمه أن ينتظر.
وقيل: لا يشاركهم؛ لأنه وجب بعد الحجر، وتعلق حق الأولين بالمال؛ فيتأخر عن حقهم كدين المعاملة.
ولو أقر المفلس بمال لإنسان- لا يخلو: إما إن أقر بدين لزم قبل الحجر أو بعده: فإن أقرَّ بدين لزم قبل الحجر، سواء كان دين معاملة أو دين جناية-: لزم الإقرار في حقه، وهل يلزم في حق الغرماء؛ حتى يزاحمهم المقر له؟ فيه قولان:
أصحهما: يلزم، ويزاحمهم؛ كما لو ثبت بالبينة، وكالمريض إذا أقر بدين لإنسان: يزاحم غرماء الصحة.
والثاني: لا يلزم، وهو كدين لزم بعد الحجر؛ لأنه تعلق به حق الأولين؛ كما لو رهن شيئاً، ثم أقر به لآخر: لا يقبل إلا أن تقوم- عليه بينة؛ فيلزم، وكذلك: لو أقر بعين لإنسان، فقال: هذه لفلان، غصبته منه أو أخذته منه، أو أخذته على جهة السوم، أو عارية، هل يقبل في مزاحمة الغرماء؟ فيه قولان:
أحدهما: يقبل، ويسلم على المقر له.
والثاني: يوقف، فإن فضل عن الغرماء يسلم إليه؛ وإلا يباع في الدين والقيمة في ذمته في دينه المقر له، أما إذا أقر بدين معاملة-: فلا يقبل في حق الغرماء؛ فكذلك: لو قامت عليه ببينة، فإن فضل عن الغرماء شيء دفع إليه، وإن أقر بدين إتلاف- ففيه وجهان:
أحدهما: يتأخر كدين المعاملة.
والصحيح: أنه كما لو أسند إلى ما قبل الحجر، فعلى القولين.
ولو ادعى رجل على المفلس مالاً لزمه قبل الحجر، فأنكر، ولم يحلف، وحلف المدعي- ثبت المال، وهل يشارك الغرماء القيمة أم لا؟
إن قلنا: النكول وردُّ اليمين كالبينة- شاركهم.
وإن قلنا: كالإقرار- فعلى القولين.
ولو أقر المفلس على نفسه بما يوجب عقوبة من قصاص أو حد- يقبل.