للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن قلنا: هو حقيقة بلوغ فيهم- فيكون بلوغاً في المسلمين.

وإن قلنا: أمارة بلوغ فيهم، فهل يكون في المسلمين أمارة بلوغ؟ فيه وجهان:

أحدهما: يكون أمارة؛ كما في حق الكفار؛ لأن الإشكال حق نفع في حق المسلمين؛ كالنفع في حق الكفار.

والثاني- وهو ظاهر النص-: لا يكون أمارة في حق المسلمين؛ لأن المسلمين يمكن الوقوف على معرفة بلوغهم بالسن بالرجوع إلى آبائهم المسلمين، وفي الكفار: لا يقبل فيه قول الكفار.

وعند أبي حنيفة: الإنبات يكون بلوغاً في المسلمين وفي الكفار، ونبات شعر الإبط قريب من نبات شعر العانة.

أما نبات الشارب: فلا يحكم به، وكذلك: ثقلُ تراجع الصوت، ولغة نتوء طرف الحُلقوم، ونهود الثديين، وانفراق الأرنبة: لا يحكم بشيء منها.

أما الخنثى المُشكل: إن أمنى من الذكر والفَرج-: حكم ببلوغه؛ لأنه إن كان رجلاً فهو أمنى من الذكر، وإن كانت أنثى فقد أمنت من الفرج، ولو أمنى من الذكر دون الفرج، أو من الفرج دون الذكر-: لا نحكم ببلوغه؛ لاحتمال أن يحيض من الفرج، وكذلك: لو حاض من الفرج، ولم يُمن من الذكر، أو أمنى وحاض من الفرج-: لا نحكم ببلوغه، ولو أمنى من الذكر، وحاض من الفرج-: نحكم ببلوغه؛ لأنه إن كان رجلاً فقد أمنى من الذكر، وإن كانت امرأة فقد حاضت من الفرج.

وإذا بلغ الصبي لا يزال الحجر عنه، ولا يُدفع إليه ماله، حتى يختبر، فإن كان رشيداً- فُكَّ الحجر عنه، ودُفع المال إليه، ولا يُستدام الحجر عليه.

قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦].

والاختبار: يختلف باختلاف أحوال الناس، وإن كان الصبي من أبناء التُّجار فيختبر في أمر البيع والشراء، وإن كان من أولاد الزراعيين ففي الزراعة والإنفاق على الأجراء والعبيد، وإن كان محترفاً ففي أمر تلك الحرفة، وإن كانت امرأة ففي أمر البيت وحفظ الأقمشة، ولا يحصل ذلك بمرة واحدة، بل مرتين فأكثر؛ لأن المرة الواحدة قد توافق الصواب، ويختلف ذلك باختلاف الناس، فمنهم من يُصان عن السوق والاختلاط مع الناس؛ فاختباره أقرب ممن اعتاده، واختلفوا في وقت الاختبار، منهم من قال: بعد البلوغ؛ لأن المقصود منه نفود

<<  <  ج: ص:  >  >>