وإن بنى وصالحه الإمام على شيء-: لا يجوز؛ لأن إفراد الهواء بالعقد-: لا يجوز، ولأنه إن كان مضراً بالمارة فيمنع لضرر الناس، ولا يباح بالعوض؛ كالبناء في الطريق والقعود في المضيق، وإن كان لا يضر بالمارة-: فذلك حق له؛ فلا يجوز أخذ العوض عليه؛ كالمرور في الطريق.
وإن كان الطريق غير نافذ-: فكل من داره أسفل منه-: له أن يمنعه عن ذلك، سواء تضرر به أو لم يتضرر، ولأن له شريكاً في هواء ذلك الطريق، وهل لمن داره فوقه أن يمنعه؟ فيه وجهان:
أحدهما: ليس له منعه، لأنه لا حق له فيه.
والثاني: له منعه؛ لأن الشركة مشتركة بين جميع أهلها بدليل أنهم لو اقتسموها وبنوا فيها-: يجوز، فلو صالحه أهل السكة على شيء-: لم يجز، وكذلك: لو أخرج جناحاً إلى دار جاره بغير إذنه-: كان له منعه، فإن أراد أن يصالحه على شيء-: لم يجز- لأنه صلح على مجرد الهواء.
ولو نصب دكة على باب داره في طريق نافذ، أو غرس شجرة إن ضر بالمارة- منع؛ وإلا فلا يمنع.
ولو غرس غيره شجرة في فناء داره-: لا منع لصاحب الدار؛ لأنه ممر عامة المسلمين إلا أن يضر بالمارة؛ فيمنع.
وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: لا اعتبار بالضرر، بل إن خاصمه إنسان-: نزع، ضر أو لم يضر، وإن لم ينازع- ترك.
ولو أشرع جناحاً في سكة نافذة، ثم رفعه، فبادر، فأخرج جناحاً منع من إعادة الجناح الأول-: جاز؛ لأن الأول ثبت له الارتفاع بالسبق، فإذا رفع: جاز لغيره أن يرتفق؛ كما لو قعد في طريق واسع، ثم انتقل جاز لغيره القعود فيه.
ولو كان باب داره في سكة غير نافذة، وفتح باباً آخر فيها- نُظر: إن فتح فوقه- جاز، ولا يمنع، لأنه يبخص بحقه بنقصان الممر، وإن فتح أسفل منه: فلمن هو أسفل منه أن يمنعه، وهل لمن فوقه منعه؟ فيه وجهان.