وصالحه منه على أن يجعل له مسيل ماء في أرضه-: يجوز بعد البيان؛ كما يجوز البيع والإجارة، وفي هذا الموضع: لا يجوز له دخول أرضه دون إذنه، إلا أن يريد تنقية النهر، ثم عليه إخراج ما يخرجه من النهر عن أرضه.
ولو أجر مسيل ماء المطر على سطحه، أو باعه، أو أعاره-: جاز بعد البيان، ويجب أن يبين السطوح التي يسيل ماؤها عليه؛ لأن السطح لا يحتمل كل ما يجري عليه بخلاف الأرض؛ فإذا بين، ثم بنى المشتري، أو المستأجر سطحاً آخر يريد إجراء مائه عليه-: لم يجز.
ولو أن البائع أو الآجر بنى على سطحه بناء منع الماء-: فللمشتري والمستأجر نقب بنائه، وإجراء الماء فيه، وإن كان عارية-: فهو رجوع، وإذا اشترى أو استأجر مسيل ماء-: لم يكن له إلقاء الثلج فيه، ولا أن يترك الثلج على سطحه حتى يذوب، فيسيل الماء عليه، ولو استأجر ملقى الثلج-: لم يكن له إسالة الماء فيه.
فصلٌ [في دعوى الدار]
إذا ادعى رجلان داراً في يد ثالث، فأقر لأحدهما بنصفها-: هل يكون الآخر شريكاً معه؟ نُظر: إن ادعى أنا وثناها-: يكون الآخر معه شريكاً فيه، وإن قالا: ابتعناها، أو اتهبناها، وقبضناها- نُظر: إن قالا: ابتعنا أو اتهبنا وقبضنا معاً-: يكون الآخر شريكاً فيه، وإن لم يقولا:"معاً" لا يكون شريكاً فيه، وكذلك: لو قالا: هذه الدار لنا أو بيننا، فأقر لأحدهما بنصفه-: لا يكون الآخر شريكاً معه؛ كما لو ادعى كل واحد نصفها؛ فحيث قلنا: يون الآخر شريكاً: فلو صالح المقر له عن ذلك النصف على شيء بغير إذن الآخر-: لا يصح في نصيب شريكه، وفي نصيبه قولان.
أما إذا أقر لأحدهما بجميع الدار- نُظر: إن وجد من المقر له قول يدل على كون الدار بينهما؛ بأن قال: هذه الدار لنا، أو بيننا، أو ابتعناها، أو اتهبناها وقبضناها، سواء قال:"معاً" أو لم يقل-: يكون نصفه لصاحبه، وإن لم يوجد منه قول يدل على كونها بينهما-: لا يكون الآخر شريكاً [له] معه، ودعواه النصف محمول على أحد معنيين: إما إن خاف إنكار المدعى عليه، لو ادعى جميعاً، أو كانت له بينة على نصفها، فأراد إثباته بالبينة، ثم يدعي الباقي.