للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال في "القديم" وبه قال مالك- رحمة الله عليه-: يجبر عليه؛ دفعاً للضرر عن صاحب العلو، وكما يجبر على نفقة الدابة المشتركة.

وقال في "الجديد": لا يجبر؛ لأنه إنفاق على ملك لو انفرد به، لم يجبر، فعند الاشتراك: لا يجبر؛ كزراعة الأرض المشتركة، وليس كالعبد المشترك؛ لأنه لو انفرد به أمر بالإنفاق عليه، وكذلك: النهر المشترك أو القناة أو البئر المشتركة، إذا انكبست وامتنع أحد الشريكين عن التنقية، هل يجبر عليه؟ فيه قولان.

وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: في النهر والقناة والبئر: يجبر، وفي الجدار: لا يجبر.

أما إذا استهدم الجدار، فنقضه أحد الشريكين، أو جاء ابتداءً-: فنقضه من غير إذن شريكه- نص على أنه يجبر الهادم على بنائه؛ لأنه هدم بغير إذن شريكه؛ بخلاف ما لو انهدم: جعلناها على قولين، والقياس؛ أنه يغرم النقصان، ولا يجبر على البناء؛ لأن الجدار لا يضمن بالمثل.

ولو كان العلو لواحد، والسفل لآخر، فهدم كل واحد بناءه-: يجبر صاحب السفل على بناء ملكه؛ ليبني عليه صاحب العلو.

إذا ثبت أن الجدار المشترك إذا انهدم، أو إذا كان السفل لواحد والعلو لآخر، فانهدم، هل يجبر على البناء؟ فيه قولان، فالتفريع على القولين.

أما إن قلنا: يجبر: فإن لم يفعل- أنفق السلطان على بنائه من ماله، فإن لم يكن له مال يستدين عليه، فإن أراد الشريك أن يبنيه- لم يمنع منه.

ولو بنى صاحب العلو السفل، أو بنى شريك الجدار الجدار بغير إذن الحاكم والشريك- نظر: إن بناه بتلك الآلة والنقض-: فحيطان السفل لصاحب السفل؛ لأن الآلة [له]، وليس لصاحب العلو منعه من الانتفاع به ولا نقضه، وفي الجدار المشترك: يكون الحائط بينهما كما كان؛ وليس للثاني أن يرجع على الآخر بشيء، وإن بناه بآلة نفسه-: كان الحائط للثاني، ويجوز للثاني نقضه، وإن قال الممتنع: لا ينقض، وأنا أعطيك نصف القيمة-: لم يكن له نقضه؛ لأن هذا على قول الجبر.

فإن بنى أحدهما- وجب تبقيته، وأجبر عليه؛ كما يجبر على البناء.

وإن قلنا: لا يجبر الشريك، وصاحب السفل على البناء، فلو أراد صاحب العلو بناء السفل بآلة شريكه أو بآلة مشتركة بينهما، أو أراد شريك الجدار بناءه بآلة مشتركة بينهما-: فللآخر منعه عن ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>