وقال الشيخ أبو حامد: لا يصح؛ لأنه يتكفل بشرط إبراء الكفيل؛ وذلك شرط فاسد.
ولو تكفل ببدن إنسان على أنه بالخيار-: لا يصح؛ كما لا يصح ضمان المال بشرط الخيار، أما المكفول له أبداً بالخيار-: فشرط الخيار لا يفسد العقد، ولو تكفل ببدن رجل، ثم تكفل رجل آخر ببدن الكفيل، ثم تكفل رجل ببدن الكفيل-: يصح؛ كما يصح ضمان الدين عن الضمين، ولو كان لرجل حق على رجلين، فقال له: تكفلت لك ببدن أحدهما، ولم يعين-: لم يجز؛ كما لو قال: بعتُك أحد هذين العبدين، ولم يعين-: لا يصح، فإن عين أحدهما- جاز.
فلو قال: تكفلت ببدن هذا، وعيَّنه، فإن جئتك به؛ وإلا فأنا الكفيل ببدن الآخر-: لم يجز؛ لأن كفالة الأول غير لازمة، وكفالة الثاني معلقة، ولا يجوز تعليق الكفالة بالشرط.
ولو تكفل ببدن رجل لنفسين، فسلمه إلى أحدهما-: فيبرأ عن حقه ولا يبرأ عن حق الآخر؛ لأنه ضمن تسليمين؛ كما لو ضمن دينين لرجلين، فأدى أحدهما-: لا يبرأ عن حق الآخر.
ولو تكفل اثنان لرجل ببدن رجل- نُظر: إن تكفَّلا على الترتيب، فجاء به أحدهما، وسلمه إليه-: يقع تسليمه عن نفسه، لا عن صاحبه؛ سواء قال: سلمت عن صاحبي أو لم يقل.
أما إذا تكفلا معاً، فجاء به أحدهما، وسلمه إليه-: ففيه وجهان:
أحدهما: يبرأ من كفالته، ولا يبرأ الآخر؛ كما لو أبرأ أحدهما-: لا يبرأ الآخر.
والثاني: يبرأ الآخر؛ لأن المستحق عليهما إحضاره، وقد وجد كما لو ضمن رجلان ديناً، فأدى أحدهما-: يبرأ الآخر، وليس كالإبراء؛ فإنه مخالف للأداء؛ بدليل أنه من ضمان المال: لو أبرأ أحد الضامنين لا يبرأ الآخر، ولو أدى أحد الضامنين يبرأ الآخر، ولو تكفل ببدن رجل عليه دين، فقال المكفول له: لا حق لي قبله، فهل يبرأ الكفيل والمكفول به بهذا القول؟ ذكر ابن سُريج فيه وجهين:
أحدهما: يبرأ، وتزول الكفالة؛ لأن قوله:"لا حق لي قبله": نفي في نكرة؛ فيقتضي استغراق الجنس، أي: لا حق في يمينه ولا في ذمته.
والثاني: يرجع إليه: فإن قال: أردت به: "لا حق لي في ذمته" بريء من الحق والكفالة، وإن قال: أردت أنه لا شيء لي في يده على سبيل الأمانة والعارية-: قُبل قوله، وإن كذَّبه الكفيل والمكفول به- حلفا، وإن تكفَّل ببدن رجل، ثم ادعى أنه تكفل، ولا حق