وأن يستوي الشريكان في الدين والحرية؛ فإن كان أحدهما مسلماً والآخر ذمياً، أو كان أحدهما مكاتباً والآخر حراً-: لا يصح.
ثم حكمه عندهم: أن كل ضمان لزم أحدهما بغصب أو جناية-: كان الآخر مؤاخذاً به، إلا الجناية على الحر، وبدل الخلع والصداق، ولا يؤاخذ به الآخر، فكل ما ملك أحدهما بشراء أو التقاط: يشاركه الآخر فيه إلا ثلاثة أشياء:
قوت يومه، وثياب بدنه، وجارية يتسرى بها.
وما ملك بإرث أو هبة: قال: لا يشاركه الآخر فيه؛ غير أنه إن كان من جنس مال الشركة: تفسد الشركة، وقد قال الشافعي- رضي الله عنه- في "اختلاف العراقيين": إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة- فليس في الدنيا عقد باطل، وذلك لكثرة ما فيها من الجهالات والمحالات وأنواع الغرر، ثم عندنا في شركة المفاوضة: يكون الربح بينهما على قدر المالين؛ لأنهما يتجران في ماليهما، وحكم الأجرة ما ذكرنا في الشركة الفاسدة، ولو اشترك ثلاثة، فأعطى واحد جملاً، والآخر راوية على أن يستقي الثالث الماء على أن ما يحصل: يكون بينهما-: فهذا فاسد، ثم إن استقى من ماء مملوك للسقاء، فعمله: يقع له، وعليه لصاحب الجمل والراوية أجرُ مثل الجمل والراوية؛ لأنه استوفى منفعتهما بأجرة فاسدة.
وإن استقى من مباح- نُظر: إن استقى بنيَّة نفسه-: فهكذا، وإن استقى بنيَّة الشركة-: ففيه قولان: بناءً على أن التوكيل والاستئجار للاحتطاب والاحتشاش والاستقاء من المباح-: هل يجوز؟ فيه قولان:
أصحهما: يجوز كما لو استأجره لعمل آخر.
والثاني: لا يجوز؛ لأنه مباح يملك بالحيازة، والحيازة من الأجير؛ فيقع ملكاً له.
فإن قلنا: يجوز-: فما يستقي يكون ملكاً لهم جميعاً، ويرجع كل واحد على صاحبه بثلثي أجر المثل؛ فصاحب الجمل: يرجع بثلثي أجر مثل الجمل على صاحب الراوية والسقاء، وصاحب الراوية يرجع بثلثي أجر مثل الراوية على صاحب الجمل والسقاء، والسقاء يرجع بثلثي أجر مثل عمله على صاحب الجمل والراوية، وإن قلنا: لا يجوز الاستئجار على الاستقاء-: فعمل السقاء وقع لنفسه، والماء له، ويرجع عليه صاحب الجمل والراوية بأجر مثل الجمل والراوية.